جيزيل خوري والصراع مع… الحياة
عملت جيزيل في كل مجالات الصحافة، الإذاعية منها والتلفزيونية، خط واحد كان يربط بين كل هذه المجالات: الجرأة. لكنها كانت جرأة في زمن القمع.
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
جيزيل خوري جمعت أمجاد الصحافة من أطرافها الثلاث: السياسة، الثقافة، التاريخ . الصحافة السياسية من دون ثقافة وتاريخ، صحافة باهتة. الصحافة الثقافية من دون سياسة مجرد “ترف أكاديمي”، والصحافة التاريخية من دون سياسة وثقافة، صحافة جافة.
أدركت جيزيل هذه الحقيقة، فكانت أسماء البرامج التي قدَّمتها تعكس عمقَ ثقافتها وسِعة اطّلاعها، وشغفها بالحقيقة والجرأة والشفافية.
من “المميزون” إلى “حوار العمر” إلى “لكل حدث حديث” إلى “نادي المواهب” إلى حلقات خاصة مع مميزين، أبرزهم زياد الرحباني.
انتقلت جيزيل خوري من الفضاء اللبناني إلى الفضاء العربي عبر محطة “العربية” و “بي بي سي – عربية”، إلى أن حطّ رحالها في “سكاي نيوز عربية” حيث كان مشوارها الأخير، قبل أن يبدأ المرض الخبيث بالتسلل إلى جسمها فأبعدها عن المهنة التي أحبَّت والتي جعلتها قضيتها منذ تخرجها من كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية عام 1983.
عملت جيزيل في كل مجالات الصحافة، الإذاعية منها والتلفزيونية، خط واحد كان يربط بين كل هذه المجالات: الجرأة. لكنها كانت جرأة في زمن القمع فغالبًا ما تعرضت للتهديد خصوصًا بعد ارتباطها بالشهيد سمير قصير.
لم تظهر علامات الثورة على جيزيل حين كانت في الجامعة، فهي ابنة بيت حقوقي، والدها محامٍ لامع، كانت دائمًا في نقاش مع ابن عمها الوزير الراحل سجعان قزي الذي كان مستشارًا للرئيس الشهيد بشير الجميل ثم مستشارًا للرئيس أمين الجميل، ثم وزيرًا عن الكتائب في حكومة الرئيس تمام سلام. سجعان قزي كان منظِّر اليمين السياسي، إذا صحّ التعبير، لكن جيزيل كانت أقرب إلى اليسار المنفتِح المعتدِل الديموقراطي، من دون أن تكون بعيدة في الحوار مع اليمين.
جيزيل خوري لم تتهاون في متابعة التحقيق في اغتيال الشهيد سمير قصير، إلى درجة أنّ نجلها الوحيد، مروان، تخصص في الجامعة في “علم الجريمة” وهو من القلائل في لبنان الذين يحملون هذا الاختصاص .
لعل الميزة التي تفردت بها جيزيل خوري، أنها بعد وفاتها، أجمع اليمين واليسار، على مواقع التواصل الاجتماعي على الثناء على أدائها الإعلامي، وهي من المرات النادرة التي يحظى إعلامي في لبنان بهذا الإجماع.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |