محاكمة المتهمين بأحداث خلدة.. “لو في دولة ما وصلنا لهون”
على مدى أربع ساعات متواصلة، استجوبت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي جوني القزي، المتهمين التسعة، حيث تلا رئيس المحكمة القرار الاتهامي وأفهم المتهمين بالجرائم المسندة إليهم
كتب يوسف دياب لـ “هنا لبنان”:
استعادت جلسة محاكمة المتهمين في أحداث خلدة المشهد المأساوي للاشتباك المسلّح الذي سقط خلاله عنصران من “حزب الله” ومدنيان اثنان، لكنّ إفادة الشيخ عمر غازي موسى المعروف بـ(عمر غصن) اختصرت وقائع ما حصل بدءاً من أسبابها إلى نتائجها، إذ برر أمام محكمة التمييز العسكرية كيف أن البلد “محكوم من طرف معيّن اسمه “حزب الله” وكلّ شيء يخضع لإرادته”. وأكد “لو أن الدولة اللبنانية أخذت حقّ الطفل الشهيد حسن غصن، وطبّقت القانون على قاتله لما وصلنا إلى جريمة الثأر وقتل علي شبلي، ولما وصلنا إلى ما نحن عليه”.
على مدى أربع ساعات متواصلة، استجوبت محكمة التمييز العسكرية المتهمين التسعة برئاسة القاضي جوني القزي، في حضور المستشارين الأعضاء: العميد الركن الإداري جميل الكوسا، العميد الركن زاهر صوما، العميد الركن جورج عبدو والعميد طلال صفوان، بحضور المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، كما حضر وكلاء الدفاع عن المتهمين المحامون أنطوان سعد، ديالا شحادة وإبراهيم رواس، حيث تلا رئيس المحكمة القرار الاتهامي وأفهم المتهمين بالجرائم المسندة إليهم، وباشر باستجواب المتهم عباس موسى، الذي أفاد أنه “عند وقوع أحداث خلدة كان عند بيت عمه مع وزجته وأولاده، وأنهم عند بدء إطلاق النار اختبأوا جميعاً في ممر المنزل، وبعد أن توقف إطلاق النار خرج إلى الشرفة ليستطلع الوضع”، نافياً أن يكون “شارك بإطلاق النار من شرفة بيت عمّه”. وأكد أنه “كان مصاباً بكسر في يده اليسرى وكانت مجبّرة، أما يده اليمنى فيعاني من عطل دائم فيها نتيجة حادث قديم”. وأشار إلى أنه “مكث عند أهل زوجته إلى اليوم التالي ثم غادر مع زوجته وأولاده، وعبر كلّ حواجز الجيش من دون توقيفه، وقال عندما علمنا أنني مطلوب للتحقيق مع شقيقي وابن شقيقي سلمنا أنفسنا بإرادتنا”.
بدوره، نفى المتهم موسى غصن، الجرائم المنسوبة إليه لجهة محاولة قتل مدنيين وعسكريين، وأوضح أن شقيق الشهيد حسن غصن، وعند البدء بإطلاق النار كان في منزل أهله وكانت معه والدته التي منعته من الخروج خوفاً عليه، ونفى أن يكون متواجداً في مكان الحادث. وهنا سأله رئيس المحكمة: كنت تعيش جواً متوتراً نتيجة مقتل شقيقك، ماذا فعلت عند وقوع الحادث؟، فأجاب: “بقيت مع والدتي في المنزل تلبية لطلبها، لكني كنت أتصل ببعض أصدقائي لأطمئن على شقيقي أحمد وأعرف مكان وجوده”.
أما المتهم عيسى زاهر غصن، شقيق الشهيد حسن غصن، فاعترف بأنه “كان يعمل في تجارة الأسلحة الفردية، وكان يشتريها من الضاحية الجنوبية، ويبيعها إلى بعض الأشخاص في خلدة”، لكنه نفى توزيع الأسلحة على شباب خلدة، وأكد أنه بعد مقتل شقيقه، “توقف عن تجارة الأسلحة بعدما أثر ذلك على نفسيته”. وعندما سئل أين كنت حين حصول الاشتباك، ردّ قائلاً “كنت في خلدة، وتلقيت اتصالاً من والدي الذي طلب مني أن أنقل والدتي وشقيقتيّ إلى منزل بيت جدّي في ضهر البيدر”، مؤكداً أنه “لم يشارك في الأحداث ولم يكن مسلحاً”.
أما إفادة الشيخ عمر موسى فكانت أساسية واستغرقت أكثر من ساعة، حيث أبلغه الرئيس القزّي التهم المنسوبة إليه والتي سيحاكم على أساسها، وعندما طلب منه أن يروي ما حصل قبل الحادث وخلاله وبعده، قال الشيخ عمر موسى: “الكلّ يعرف أننا نعيش في بلد يحكمه حزب الله”، هنا قاطعه القاضي القزّي قائلاً له: “أنا حريص على إجراء محاكمة قانونية وعادلة، والاستجواب محصور بالقضيّة، لا أريد الدخول بالأمور السياسية التي لا تقدّم ولا تؤخر في مسار القضية”. ثم طلب منه رئيس المحكمة أن يفسّر ما ورد في القرار الاتهامي من أنه “كان يرأس الجماعات المسلحة وكيف وزعها على النقاط الاستراتيجية المؤدية إلى فيلا علي شبلي، كما أنه أبلغ ضابط الجيش الذي كان يرأس دورية متواجدة هناك، أنه إذا دخل موكب التشييع إلى خلدة سيقع الدمّ وأنه أصدر الأوامر إلى مسلحي عشائر خلدة بإطلاق النار على موكب تشييع شبلي”.
ولمّا أعطي الشيخ عمر الكلام للردّ على هذه الاتهامات، أوضح في البداية أنه “لو أخذ القانون مجراه وعاقبت الدولة علي شبلي على جريمة قتل حسن غصن لما أقدم أحمد غصن على الثأر لمقتل شقيقه”. وقال “على أثر انتشار خبر مقتل علي شبلي انتشر الجيش في خلدة، تحسباً لردّة فعل من “حزب الله” لكون شبلي مسؤولاً في “حزب الله”، ونصب حواجز بكل أحياء خلدة وعلى الأوتوستراد، وكان معززاً بالملّالات، وهذا الانتشار أشاع أجواءً من الارتياح بين أبناء المنطقة، واستمر إلى الساعة الثالثة من بعد ظهر الأحد (يوم وقوع الأحداث)، لكن الذي أثار قلقنا واستغرابنا هو انسحاب الجيش من المنطقة بشكل مفاجئ”.
أضاف الشيخ عمر “خلال اجتماع وجهاء خلدة في ديوانية الشيخ أبو مشهور، تبلغوا من الأجهزة الأمنية بأن موكب تشييع علي شبلي سيأتي إلى خلدة ثم يتابع سيره إلى الجنوب، وخلال النقاش بهذه المسألة وصلتني صور فيديو للموكب الذي يتألف من حوالي 300 سيارة ودراجة نارية محملة بالمسلحين، فقلت للمجتمعين (بدكن تجيبوا البنزين على النار؟، كان يجب ألّا تقبلوا بذلك”، فردوا بأن المسؤول الأمني أبلغهم بأن الموكب سيتوقّف لنحو نصف ساعة أمام فيلا شبلي ثم يغادر إلى الجنوب”، مشيراً إلى أنه ترك ديوان الشيخ أبو مشهور واستقلّ سيارته ومعه ابنته وزوجته، وانتقل إلى ديوانية أبو سلطان، وفي الطريق شاهد دورية للجيش وقال للضابط آمر الدورية “لو سمحت اطلب من القيادة إرسال قوة كبيرة لتنتشر حتى لا يقع احتكاك مع المشيعين”، نافياً أن يكون هدد بـ “سقوط الدمّ” إذا مرّ المشيعون في خلدة. وقال “هذا ليس من ثقافتنا”. وأكد أن “أبناء خلدة لم يكونوا بحالة استنفار”.
ورداً على سؤال رئيس المحكمة عن أسباب القلق الذي انتابه طالما أن أبناء خلدة لم يكونوا مسلحين أو مستنفرين، أشار إلى أن “الخوف كان من دخول طابور خامس يفجّر الوضع وهذا ما حصل”. وعن قصده بالطابور الخامس، أوضح أن هناك “أحزاباً سياسية في المنطقة نحن على خلاف معها وقد تكون مستفيدة مما حصل”. واستدرك الشيخ عمر موسى قائلاً “إن جنازة علي شبلي وصلت إلى الجنوب عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأحد، أي قبل الأحداث بأكثر من أربع ساعات، وتبين لنا أن سيارتي الإسعاف اللتين كانتا ضمن الموكب ليس فيها جثمان علي شبلي، بل معبّأة بالأسلحة والمقاتلين، ولدينا صور فيديو أبرزناها أمام المحكمة العسكرية”.
ثم استجوبت المحكمة المتهم محمد غصن موسى، الذي يملك صالون حلاقة في خلدة، وأكد أنه “لم يكن مسلحاً وليس لديه أي قطعة سلاح”. ولفت إلى أن والده وعلى أثر مقتل علي شبلي “منعه من الذهاب إلى محله في اليوم التالي تحسباً لوقوع إشكالات، ولكون محلّه قريباً من فيلا علي شبلي”، نافياً ما ورد في إفادات أشخاص بأنه “استعار بندقية من أحد الأشخاص وأطلق النار على الموكب”.
كما استكملت المحكمة استجواب باقي المتهمين الذين نفوا بالمطلق علاقتهم بأحداث خلدة والضحايا الذين سقطوا خلالها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سجناء أنصفتهم الحرب! | توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” | وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة |