إيران تفاوض الأميركيين بدماء أبناء غزة وجنوب لبنان…
مَن يحارب إسرائيل فعلياً هي إيران، وليس حركة حماس ولا “الحزب”، لكن من خلالهما، وهم يدفعون الأثمان الباهظة لأنهم أداة في يديها
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”
لا شك في أنّ تاريخ 7 تشرين الأول 2023 خلط الأوراق في المنطقة، وقلب أوضاعها رأساً على عقب، غيّر المعادلات واخترق المحظورات، وتلك التحصينات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، من خلال العملية التي قامت بها حركة “حماس” ضدّ الإسرائيليين، فجمعت أعداداً كبيرة من الأسرى العسكريين لإجراء التبادل. وبدوره المشهد الجنوبي ما زال مقلقاً جداً، في ظل القصف اليومي المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، والمرشح للتطور أكثر فأكثر.
إلى ذلك وبعد مضيّ أكثر من أسبوعين على عملية ” طوفان الأقصى”، تبدو المنعطفات السياسية خطرة، لأنها ستغيّر المجريات في المنطقة ولبنان ضمنها، كل تلك المشاهد أتت بإخراج إيراني، بحيث تقف طهران وراء “الطوفان” في المنطقة، مع إعطائها الضوء الأخضر لحركة “حماس” من بيروت تحديداً، أما التحضير للهجوم فقد استلزم أشهراً بالتنسيق مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وكل ما يقال خارج هذا الإطار بعيد عن أرض الواقع، فيما ينفي المسؤولون الإيرانيون هذه الحقائق، ويردّدون كما في كل مرة النغمة عينها، بأنهم لا يتدخلون في قرارات الدول الأخرى، بما فيها فلسطين ولبنان، وهنا المضحك المبكي، لأنها تبحث دائماً عن دور كبير لها في المنطقة، ولا تجده إلا عبر فلسطين ولبنان، فتفاوض الولايات المتحدة بدماء أهل غزة و جنوب لبنان، وهذه الصورة باتت واضحة جداً، بهدف نيل مطالبها لكن بدماء الأبرياء، والقصة ليست وليدة اليوم، بل تتكرّر من أجل نيل المزيد من المكاسب السياسية، لكن باللون الأحمر والتضحية بالأطفال، الذين تحولوا إلى أشلاء لأهداف سياسية.
طهران وواشنطن في قلب الصراع
هذه المشاهد المأساوية يشير إليها نائب سابق من أبرز أركان 14 آذار، ويقول لـ “هنا لبنان”: “هذه الكارثة التي يعيشها أهل غزة وجنوب لبنان تكبر يوماً بعد يوم، لأنّ مَن يحارب إسرائيل فعلياً هي إيران، وليس حركة حماس وحزب الله، لكن من خلالهما، وهم يدفعون الأثمان الباهظة لأنهم أداة في يديها، لكن ووفق اعتقادها سوف تتلقى المكاسب خلال مفاوضاتها مع الأميركيين، ونيل ما تريده عبر أذرعها العسكرية الفلسطينية – اللبنانية، فيما أتتها سريعاً رسالة الردع والتحذيرات من الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، خصوصاً بعد إرسال الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى المنطقة دعماً لإسرائيل، مما يعني أنّ الدولتين دخلتا في الصراع، وهذا ما دفع بطهران إلى تخفيف لهجتها التي كانت عالية مع بدء عملية “طوفان الأقصى”، وتحذير وزير خارجيتها علنياً لإسرائيل بضرورة وقف هجومها على غزة، وإلا سيتخذ إجراءات حادة، لكن عاد بعد ساعات قليلة للتحدث بلهجة أقلّ حدّة، مفادها أنّ طهران لن تتدخل في الصراع ما لم تهاجم إسرائيل مصالح إيرانية.
هل يؤدي التصعيد إلى تحسين ظروف المفاوضات؟
في السياق يرى مصدر سياسي متابع لما يجري على الساحتين الفلسطينية واللبنانية، خلال حديث لـ “هنا لبنان”، بأنّ حركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله والحوثيين في اليمن، يشكلون القاعدة والقوة التي أسستها إيران في المنطقة.
وعلى الخط اللبناني يشير إلى أنّ إيران تحكم قبضتها على لبنان عبر حزب الله، الذي ينفذ كل ما تطلبه ويبدو موالياً لها اكثر بكثير من ولائه للبنان، وهو ومن خلال ما يقوم به منذ عقود دمّر العلاقات اللبنانية مع الدول العربية، لأنها أخذت لبنان إلى محور مغاير، وجعلت من الدولة اللبنانية دويلة بكل ما للكلمة من معنى يتحكّم بها “الحزب”، الأمر الذي جعل سيادة لبنان منتهكة بأيدي فريق داخلي، يتلقى الأوامر من الخارج، ويهدّد بالسلاح ويعلن الحرب حين تقرّر طهران، وهذا ما بدا واضحاً في كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أعلن صراحة “بأنه لا يقرّر لا هو ولا حكومته الحرب أو السلم “.
في الخلاصة ووفق المصدر المذكور، فحزب الله مستمرّ بنشر نفوذه ويبدو دولة تملك كل شيء، فيما يبقى صوت بعض الأفرقاء اللبنانيين المعارضين يصدح عالياً، لمطالبة عواصم القرار بإتخاذ إجراءات مباشرة ضده والحد من أنشطته، كي لا يبقى لبنان منصّة له، معتبراً أنّ دعم إيران للإرهاب وبرنامجها الصاروخي الباليستي، يشكلان انتهاكاً للقرارات الدولية، الأمر الذي يتطلب فرض عقوبات عليها.
“إذا ما كبرت ما بتصغر”!
وفي الإطار العسكري وحرب غزة، والقصف على جنوب لبنان وشمال إسرائيل، رأى المصدر بأنّ كل هذا التصعيد سيؤدي إلى تحسين ظروف المفاوضات لأن إيران تحرّك الجبهات بشكل مدروس لهذا الهدف، فيما واشنطن كانت أكثر وضوحاً، فهي أطلقت رسالة تحذيرية بأن دخول إيران المباشر في الحرب، سيُرد عليه بتحرّك أميركي عسكري، وختم: “بأنّ لا مفاوضات في الافق حالياً، وفق ما سمع من دبلوماسي عربي، “لإنو إذا ما كبرت ما بتصغر”.