انتخابات نقابة المحامين: لماذا تراجع التأثير الحزبي؟
مع انطلاقة ثورة 17 تشرين 2019، تراجع التأثير الحزبي في انتخابات نقابة المحامين بخلاف النقابات الأخرى، وبدليل فوز النقيب ملحم خلف الذي جاء من خارج التوقعات
كتب يوسف دياب لـ “هنا لبنان”:
تكتسب انتخابات نقابة المحامين في بيروت هذه السنة أهمية خاصة، فالنقابة الأكبر والأهم يتراجع فيها إلى حدّ كبير التأثير السياسي والحزبي، ويتسابق المرشحون لمنصب النقيب والأعضاء على البرامج التي تقدّم للمحامين، وتحقق نقلة نوعية لهذه النقابة الجامعة، ويتنافس على خلافة النقيب المنتهية ولايته ناضر كسبار، 11 مرشحاً هم المحامون: ألكسندر نجّار، عبدو لحود، فادي الياس، وجيه مسعد، فادي حداد، إسكندر الياس، فريد خوري، إبراهيم مسلّم، أديب زخّور، طانيوس عيد ويوسف الخطيب، على أن ينتخب أربعة أعضاء جدد مكان الأربعة الذين انتهت ولايتهم، ويترشّح على مركز العضوية المحامون: لبيب حرفوش، شوقي شريم، وسام عيد وإيلي اقليموس.
بغضّ النظر عن الحيثية التي يحظى بها كلّ محامٍ، والتي شكلت قاعدة انطلاق لترشيحه، فإن ثمة أسماء ترتفع أسهمها وأخرى تتراجع بحكم وضعيّة كلّ منهم وقدرته على استقطاب الناخبين، ولا تخفي مصادر مواكبة للحملات الانتخابية، أنّ “أبرز المتنافسين على منصب النقيب هما المحاميان ألكسندر نجّار وعبدو لحود، يليهما المحامي فادي المصري، لكنّ ذلك لا يعني أنّ المعركة محسوبة سلفاً لصالح أيٍّ من هؤلاء، إذ أنّ عنصر المفاجأة يبقى وارداً، وأيٌّ من المرشحين الآخرين قد يسجّل تقدماً عند فتح صناديق الاقتراع ولدى إعلان النتائج كما حصل في أكثر من محطة سابقة”.
لا شكّ أن جميع المرشحين لموقع النقيب يضعون عنوان النهوض بالنقابة في أولويات برنامجهم، لكنّ ثمة اعتبارات أخرى لا بدّ من التوقف عندها، وتؤكد المصادر نفسها لـ”هنا لبنان”، أن المحامي نجّار “يستند في معركته لكونه مستقلاً، ويراهن على علاقاته الواسعة بزملائه المحامين، ويتميّز بمخزون فكري وعلمي وقانوني يقدّره كل من يعرفه، من دون التقليل من مكانة باقي المرشحين”، مشيرة إلى أنّ المرشّح عبدو لحود “يصنّف نفسه كمرشح مستقلّ، لكن ذلك لا يلغي الصبغة الحزبية بعد تبنّي “القوات اللبنانية” وتيّار “المستقبل” وإعلانهما دعمه في هذه المعركة، عدا عن خبرته الواسعة في العمل النقابي لكونه كان عضواً سابقاً في النقابة”. وتلفت المصادر إلى أنّ “المحامي فادي المصري الذي يبدي اعتزازه بدعم من حزب “الكتائب” يشدد على أهمية العلاقة التي تربطه بزملائه المحامين”، علماً أنّ المرشحين الثلاثة كانوا أعضاء في مجلس النقابة واستقالوا من العضوية ليتسنّى لهم الترشح لمركز النقيب.
كما لا ينكر أحد أنّ المرشّح فادي المصري صاحب حضور قوي، وتمكّن خلال الأشهر الأخيرة من تعزيز وضعيته بين الزملاء، وفوزه بالعضوية يتقدّم جداً، لكن التنافس على موقع النقيب يحتاج إلى مروحة اتصالات أوسع ليتمكّن من الفوز، أما المرشّح فادي حداد وهو محامٍ معروف جداً في الأوساط الحقوقية وبالقضايا التي يتسلّمها، بات دعم التيار الوطني له الحرّ شبه محسوم، ولا أحد يعرف مسبقاً ما إذا كان هذا الدعم الحزبي يشكّل نقطة قوّة أو نقطة ضعف له، باعتبار أن تأثير التيار البرتقالي في نقابة المحامين تراجع إلى حدّ كبير، وترجم ذلك من انتخابات العضوية التي حصلت العام الماضي، إذ أخفق في إيصال أيٍّ من المرشحين الذين دعمهم.
مع انطلاقة ثورة 17 تشرين 2019، تراجع التأثير الحزبي في انتخابات نقابة المحامين بخلاف النقابات الأخرى، وبدليل فوز النقيب ملحم خلف الذي جاء من خارج التوقعات. وقالت المصادر نفسها أنّ “70 بالمئة من المحامين الذين يشاركون في الانتخابات باتوا من غير الحزبيين، وليس صحيحاً أنّ الأحزاب تلعب دوراً حاسماً في العملية الانتخابية”، مؤكدة أنّ “أكبر حزب لا يمكنه أن يجيّر أكثر من 200 صوت، بدليل أنّ الثنائي الشيعي أخفق لدورتين في إيصال عضو من فريقه إلى مجلس النقابة. رغم تحالفاته مع أحزاب أخرى بينها التيار العوني”.
اللقاءات التي عقدها المرشحون في بيت المحامي خلال الأيام الماضية، أعطت مؤشراً على التبدّل الكبير في مزاج المحامي، إذ كان الحضور أقلّ من المتوقّع للمرشحين الحزبيين أو المدعومين من الأحزاب، فيما سجّل حضور كبير للمستقلّين، كان آخرها اللقاء الذي دعا إليه المرشّح الشيعي المستقل المحامي وسام عيد، الذي جمع ما يفوق 350 محامياً تفاعلوا إلى حدّ كبير مع كلمته التي ألقاها أمامهم، ووضع بعض المحامين ما حصل بـ “الاختراق المهمّ للمحامي عيد الذي يشقّ طريقه بثبات نحو حجز مقعد العضوية”. وتوقّف هؤلاء عند تأخر مرشّح الثنائي الشيعي المحامي شوقي شريم في الدعوة إلى لقاء مماثل، وثمة من توقع إلغاء هذا اللقاء. وبرأي المصادر المتابعة للانتخابات، إنّ “الأكثرية الساحقة من المحامين ملّت من الأحزاب، فهم يتوقون لأن تتحرر النقابة من التأثير الحزبي، وتعود إلى دورها الوطني الجامع والتأثير في كل الاستحقاقات الوطنية”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سجناء أنصفتهم الحرب! | توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” | وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة |