هدنات تجر هدنات
على طريقة المخرج السينمائي الشهير ألفريد هيتشكوك، مهّد الأمين لخطابه المنتظر بفيديو وعززه باستعراض قوة، ليقول نحن هنا شركاء في قرار المنطقة، خصوصاً أنّ “نسمات” التفاوض لإقرار هدنة تهبّ من واشنطن
كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:
سيكون من التجني الزعم أنّ خطاب السيد حسن، المنتظر نهاية الأسبوع الراهن، لا يثير الترقب والتوقعات المتضاربة، بسبب طبيعة المرحلة السياسية، والميدانية، في غزة، وفي جنوب لبنان، الذي سمعنا كثيراً من السيد وحزبه عن الردود العملانية التي يضمرانها للعدو الإسرائيلي، إذا ما تجرأ وضرب قرى لبنانية، لكنهما لم يتحركا إلى اليوم، إلّا بالتوازي مع وزن وقوة أي عملية إسرائيلية، أي بمنطق “قواعد الاشتباك” المتفق عليها بين الحزب والعدو الإسرائيلي، برغم توسع القصف الإسرائيلي واستهدافه البيوت والمزارع، كأننا في مرحلة مشابهة لما سبق ولادة “جمول”، أي “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية”.
لم يتخطّ الحزب حدود هذه القواعد حتى أمس، حين استخدم مسيرات أكثر فعالية من المعتاد للرد على قصف إسرائيلي استهدف الأراضي اللبنانية، في ما يبدو للمراقبين تصعيداً في نوعية المواجهة، يضع في الإمتحان “صدقية” الإعلان الصهيوني عن استعداده للحرب على الجبهتين اللبنانية والغزاويّة.
يعادل ذلك الحرص الأميركي – الإسرائيلي على “تبرئة” طهران من أي صلة، وبأي وجه، في المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية الدائرة راهناً، والتي فضحت ركاكة بنية جيش العدو الإسرائيلي، برغم الدعم الأميركي المنوع والمستند إلى آخر ما أنتجته مصانع الأسلحة الأميركية.
المفاجئ أمس إعلان الحزب شنّ 19 هجوماً متزامناً على مواقع إسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، قبل يوم من خطاب الأمين العام، وكأنه يرسم بذلك اللبنة الأساسية للخطاب الذي أعلن موعده قبل أسابيع، ومهد لذلك بفيديو ظهر فيه للمحة على طريقة المخرج السينمائي الأميركي من أصل بريطاني الشهير ألفريد هيتشكوك، الذي توفي قبل نحو 40 سنة، فقد كان من عادته، في كل أفلامه، المشوقة والمرعبة، أن يعبر أمام الكاميرا، كممثل “كومبارس” كأنه “يمهر” أو يوقع بصمته على عمله الفني، الذي دائماً ما يكون حدثاً في ذاته، ما يزيد من جمهوره، فهل كان ذلك هدف الأمين العام الأشهر في لبنان، وعززه باستعراض قوة، بالغارات المذكورة، ليقول نحن هنا، شركاء في قرار المنطقة، باسمنا وباسم إيران، ولن نستمر متفرجين على ما يجري، خصوصاً أن “نسمات” التفاوض لإقرار هدنة تهبّ من واشنطن، يحضنها وزير الخارجية الأميركي بلينكن في رحلاته المكوكية إلى المنطقة، ظهرت تباشيرها أمس بإخراج الدفعة الأولى من الأجانب من غزة، وأفقها السير بحل الدولتين، لكن بعد “تشذيبه” مما لا تقبل به إسرائيل، وهو ما لن يمرّ بسهولة، وسيكون بديله المكمّل له هدنات تجر هدنات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الجرموز | من سيسرق المليار؟ | قربة مثقوبة |