الراعي يُصعّد: “حرّرنا الأرض فلنُحرّر الدولة”.. هل بدأ الاستقلال الثالث؟
تقاطرت الوفود إلى ساحة الصرح البطريركي في بكركي للمشاركة في التحرك الداعم لطروحات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وسطة مواكبة أمنيّة وانتشار للعناصر على طول الطرقات المؤدّية إلى الصرح. ورُفعت في الباحة الخارجية لافتات كُتب عليها “لبنان أولاً وأخيراً”، “حياد – سيادة – استقرار”، و”بكركي لكل لبنان”. وصدحت في الصرح “أناشيد وطنيّة ودينيّة” كما تمّ رفع الأعلام اللبنانية فقط. وحضر إلى الصرح مواطنون من كلّ المناطق والمذاهب والطوائف، مؤيّدين “حياد لبنان والذهاب نحو مؤتمر دولي” لإخراجه من أزمته.
كذلك، ألقى البطريرك الراعي كلمة “مدوّية”، لفت فيها إلى أنّ “خروج لبنان عن سياسة الحياد كان السّبب الرّئيس في وقوعه بالتجارب والحروب وكلّما انحاز البعض إلى محورٍ إقليميّ ودوليّ انقسم الشعب وعلق الدستور”، مشيراً إلى أنّ “الهدف من إنشاء دولة لبنان هو خلق كيانٍ حياديّ في هذا الشرق يُشكّل صلة وصل وجسر تواصل بين الشرق والغرب”.
وتابع: “لو تمّت معالجة الثغرات الدستورية لما كنّا طالبنا بمؤتمر دولي لإيجاد حلّ للمشاكل التي تشلّ عمل الدستور، ونريد من المؤتمر الدولي أن يجدّد دعم النظام الديمقراطي الذي يُعبّر عن تمسّك اللبنانيين بالحرّية والعدالة والمساواة ونريد منه إعلان حياد لبنان، فلا يعود ضحيّة الصراعات والحروب وأرض انقسامات”، مضيفاً: “نريد من المؤتمر الدولي أن يتّخذ الإجرارات التي من شأنها أن تنفّذ القرارات الدولية والتي من شأنها أن تنقذ لبنان وتسمح للدولة أن تبسط سلطتها على كامل أراضيها من دون شراكة أو منافسة، ونريد منه أن يوفّر الدعم للجيش اللبناني ليكون المدافع الوحيد عن لبنان والقادر على استعياب القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب من خلال استراتيجية دفاعية”.
وقال: “كلّ ما طُرح رُفض من أجل سقوط الدولة ولكي يتمّ الإستيلاء على السلطة فنحن نواجه اليوم حالة إنقلابيّة بكلّ معنى الكلمة وعلى مختلف ميادين الحياة العامّة”، مضيفاً: “حرّرنا الأرض فلنحرّر الدولة من كلّ ما يُعيق سلطتها وأداءها فعظمة حركات التحرّر والمقاومة في العالم هي أن تصبّ في كنف الدولة وشرعيّتها وعظمة الدولة أن تخدم شعبها ونتساءل “أين نحن ودولتنا من هذه العظمة؟” فلا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة ولا جيوش في دولة واحدة ولا شعوب في وطن واحد”.
كما شدّد على أنّ “أيّ تطويرٍ للنظام لا يجوز أن يكون على حساب ما اتفقنا عليه منذ تأسيس دولة لبنان فالتطوير لا يعني النقض بل التحسين ولا يعني إلغاء المواثيق الدستوريّة بل توضيح الملتبس فيها لتتكامل السلطات وحقّنا أن نعيش حياة كريمة في وطننا”.
وتابع الراعي: “نحنا هنا ونطرح الحلول وليس المشاكل ومدعوّون لمقاربة الأفكار بكلّ إيجابيّة لأننا لا نفكّر إلا بإيجابيّة ولا نفكّر إلا وطنياً، وهذا الدم اللبناني الساري في عروقكم هو الذي قادكم اليوم عفوياً إلى بكركي، وبالرغم من كل المخاطر لن نُخيّب آمالكم”.
وتوجّه الراعي إلى الحشود قائلاً: “لا تسكتوا عن تعدّد الولاءات ولا عن سلب أموالكم ولا عن الحلول السائبة ولا عن خرق أجوائنا ولا تسكتوا أيضاً عن فشل الطبقة السياسيّة ولا عن فوضى التحقيق في جريمة المرفأ ولا عن تسييس القضاء ولا عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني ولا عن الإنقلاب على الدولة والنظام ولا عن نسيان الشهداء.. ويلٌ لمَن ينسى شهداءه ويُقايض عليهم”.
وأضاف: “أنتم شعب لبنان والبطريرك لا يفرّق بين لبنانيّ وآخر لأنّ التضامن أساس وحدتنا ووحدتنا هي أساس لبنان.. نحن ولدنا لنعيش في مروج السلام الدائم ونرفض أن نعيش في ساحات القتال الدائم أسوة بكل الشعوب ونحن أبناء سلام ونحن شعب يريد أن يعيش كل تاريخه تاريخ صداقات لا عداءات وميزة لبنان الجغرافي هو أنّه يعيش التواصل لا الأحقاد وهذا هو دورنا وميزتنا ورسالتنا”.
وكانت ماري أنج نهرا قد تلت كلمة مؤيّدي طروحات الراعي في بكركي، قائلةً: “لولا تدابير الوقاية من فيروس كورونا لكنّا بأعدادٍ أكبر، ونحن هنا اليوم من دون أيّ وكيل عنّا وجئنا لنشدّ على يد البطريرك للمطالبة بالحياد الناشط ولعقد مؤتمر دولي لننقذ كيان لبنان ولنلتف حول دولة نزيهة، فقد آن الأوان لتصحيح المسار ولمحاسبة كل السلطة في لبنان”.
وأضافت: “نحن الشعب اللبناني ركيزة الوطن ونحن شعب مؤمن بالعيش المشترك وطرح البطريرك الراعي خشبة الخلاص”، مشدّدةً على أنّ “الدولة وحدها هي التي تنظّم حياة مواطنيها وتطوّر مؤسّساتها بما تراه مناسباً تحت سقف الدستور، ولا لتدوير الزوايا وطمس الحقائق في قضايا الفساد وتفجير مرفأ بيروت”.
كما أكّدت أنّ “طرح البطريرك الراعي ليس موجّهاً ضدّ أحد إنّما هو بوجه كلّ مَن يُريد الشّر للبنان، ولتتفضّل الدولة القوّية لتحصر السلاح المتفلّت بمؤسّساتها الشرعية وتتحمّل وحدها مسؤوليّة حفظ السلام والأمن على كامل ترابها”.
مواضيع ذات صلة :
الراعي: لا أحد يستطيع أن يحلّ مكان الرئيس | مشاورات لعقد قمة روحية بين الراعي وأبي المنى | تحت عنوان “الغد لنا” تتجّه الأنظار إلى جعجع.. فماذا سيقول في كلمته؟ |