خريطة طريق بكركي… ومحرّكات تواصل داخليّة وخارجيّة
كتب مجد بو مجاهد في “النهار”:
تثبت المؤشرات أنّ مرحلة ما بعد المشهد التاريخي العابر للمناطق والمشارب الذي رسمته الحشود الشعبية الداعمة لمواقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومبادراته في بكركي، تحمل معها تطوّرات من شأنها تحريك تفاصيل الصورة اللبنانية الجامدة في غياب أفق تشكيل حكومة إنقاذ تساهم في تنفيذ الإصلاحات ووقف الانهيار المتدحرج. وتفيد معطيات “النهار” أنّ خريطة طريق المرحلة المقبلة انطلاقاً من “السبت الكبير” تقوم حالياً على توحيد الأفكار وتضافر الجهود، حيث يناقش #البطريرك الراعي أفكاراً مع كافة التيارات والأحزاب والوفود التي يلتقيها ويسألها عن رأيها حول مكمن المشكلة القائمة وكيفيّة ترجمة عناوين الحلّ. وانطلاقاً من هذا المعطى، تستند خريطة الطريق على الصعيد الداخلي إلى حوار ونقاش وتبادل للمقترحات.
إلى ذلك، يطّلع البطريرك الراعي على آراء سفراء الدول المعتمدة في لبنان خلال لقاءاته معهم، فيما أشارت المعلومات إلى حركة نشطة من سفراء الدول الصديقة الذين يعمدون إلى طلب مواعيد للقاء البطريرك بعد حدث يوم السبت، حيث زار السفير البرازيلي بكركي هذا الأسبوع، كما طلب ممثلو دول عدّة مواعيد للقائه ومن بينهم السفيران الألماني والبريطاني. وتستمرّ اللقاءات التي يعقدها البطريرك عبر تطبيق “زوم” تلبية لمطالب تأتي من برلمانات ومجالس شيوخ غربية للاستماع إلى رأيه ومقاربته حول الموضوع اللبناني عموماً (عُلم أنّ دولة أوروبية جديدة دخلت على خطّ اللقاءات الافتراضية مع بكركي).
ويتفاعل التواصل المكثّف على الصعيد الخارجيّ أيضاً مع الجاليات اللبنانية المنتشرة التي لا يمكن إغفال دورها الاغترابي للتحرّك والتواصل مع السلطات المحلية في البلاد المقيمة فيها. وعُلم أنّ حركة اتصالات مكوكيّة نشطت بين بكركي والاغتراب بُعيد كلمة البطريرك التي نالت اهتماماً واسعاً في صفوف جاليات لبنانية وضعت نفسها في التصرّف وأكّدت حضورها لتلبية ما هو مطلوب منها على صعيد دعم المبادرة خارجيّاً.
في غضون ذلك، تنشط محرّكات التواصل مع ممثلي الأمم المتحدة الذين كانوا أعربوا عن اهتمامهم لمعرفة المعاني والأهداف التي قصدها البطريرك الراعي بعقد مؤتمر برعاية دوليّة، حيث يُبنى تشاور أوليّ في هذه المرحلة حول الطرح العام وكيفية ترجمته (لا مقترحات نهائيّة حتى اللحظة)، فيما يستمع البطريرك إلى تصوّر الجهات الممثّلة للأمم المتحدة واستعدادهم للمساهمة في هذا النوع من المؤتمرات، الذين بدورهم عبّروا عن وقوفهم إلى جانب لبنان وجهوزيّتهم للمساعدة. ويمكن التأكيد بحسب المعلومات أنّ مبادرة بكركي تتقدّم الآن بخطى ثابتة وسط التعويل على الاهتمام الدولي بطروحات البطريرك وثقتهم بدوره، مع الاشارة إلى أنّ عدداً من السفراء عبّروا شخصيّاً عن أنّهم باتوا ينتظرون عظته في كلّ يوم أحد للاستماع إلى موقفه ومعرفة صلب الحقائق المحيطة بالواقع اللبناني.
وبدوره، يؤكّد البطريرك الراعي على ضرورة انبثاق أرضية الحلّ من اللبنانيين أنفسهم على أن تساعده الدول في إيجاد الدواء. ويأتي ذلك في وقت التمست بكركي إرادة دوليّة بمساعدة لبنان وحرصاً على عدم سقوطه والحفاظ على استقراره، لكن مع ضرورة فتح المجال أمام المجتمع الدولي لمساعدة البلاد الذي لا يمكن أن يُترجم في ظلّ غياب حكومة والظروف الحالية وتضعضع القرار السياسي غير المعروفة وجهته.
من هنا، تحرص مصادر بكركي في التأكيد لـ”النهار” على أهمية تلقّف المجتمع اللبناني المبادرة الهادفة إلى خلاص البلاد، وإبعاد التفسيرات المغلوطة المترافقة مع التهويل والتشويش، مع التأكيد مجدّداً على عدم صحّة ما يروّج عن مؤتمر تأسيسي أو فصل سابع. وقد سلّط البطريرك الضوء في خطابه على أسباب الأزمات التي لا يختلف اثنان عليها، إلا إذا كان ثمّة من لا يريد سلامة لبنان. ولا بدّ من سؤال أي شخص لا يوافق على مقترحات الحلول حول أسباب عدم موافقته وأيّ أجندة يتبعها باعتبار أنّه لا يريد حلّاً في لبنان، فيما المؤتمرات الدولية كانت تشكّل دائماً الحلّ للأزمات، وفي وقت تشكّل مبادرة عقد مؤتمر وطني بإشراف دوليّ فكرة تساهم في الوصول إلى الإنقاذ. وتعوّل بكركي على أهمية الالتفاف الداخلي الذي يشكّل مصدر قوّة للتوجّه إلى الدول الصديقة والمجتمع الدولي المستعد للمساعدة لإيمانه بدور البلد ورسالته في المنطقة. وتشير المصادر إلى التواصل الذي أعيد تحريكه على صعيد بكركي – “حارة حريك” بعدما عبّر “حزب الله” عن رغبته في إعادة تفعيل اللجنة المشتركة، فيما عُلم إمكان اجتماعها في وقت قريب، مع التعويل على أن يساهم ذلك في إعادة فتح باب الحوار والنقاش.
وتُركّز على أن بكركي تتحدّث بلغة لبنان البعيدة عن الاعتبارات الحزبية والطائفية وتضطلع بدورها في مفصل تاريخيّ من حياة لبنان وهي مؤتمنة على خلاص لبنان وكيانه ولا تفرّط باستقلاله، وهذا ليس بجديد عليها، في وقت فُقد فيه الأمل بالمسؤولين اللبنانيين في غياب الحلول الداخليّة. ولا يمكن إغفال الأزمة السياسية التي هي في صلب الأزمة الاقتصادية، والتي تعتبر السبب الأساسي لكلّ ما وصل إليه البلد في غياب تجرّد السياسيين ونزاهتهم وشفافيتهم وعمليّة شدّ الحبال المسيطرة على كلّ التفاصيل؛ فيما المطلوب اليوم، تضيف مصادر الصرح، إمّا برهنة قدرة اللبنانيين على أن يحكموا أنفسَهم والاتجاه إلى نقلة نوعية في الأداء السياسي الداخلي للخروج من الأزمات، وإمّا لا حلّ آخر سوى الحلّ الخارجيّ عبر دخول الخارج بشكل رسميّ كمجتمع دوليّ ينقذ عضواً مؤسّساً فيه وعضواً فاعلاً في الجامعة العربية.
مواضيع ذات صلة :
الجيش الإسرائيلي: هذا ما استهدفناه صباحاً في الضاحية | “تجدد” في دارة بخاري | “لهوكشتاين الضوء الأخضر”.. أجواء إيجابية من تل أبيب حول اتفاق وقف إطلاق النار! |