جدرانٌ تُخفي معاناة حقيقية… هذا ما يعيشه “الضحايا”
كتبت لارا ابي رافع في موقع mtv:
لم تترك الأزمات التي تعصف بلبنان أحداً من شرّها. فاللبنانيون يعانون، كباراً وصغاراً، من هول ما يحصل. وعلى قدر تأثير هذه الأزمات على الكبار، كان لها دور كبير في تغيير نمط حياة صغارنا “المحبوسين” بكلّ ما للكلمة من معنى، في المنازل.
منذ حوالى السنة، أقفلت المدارس أبوابها بسبب كورونا، وأقفلت معها البلاد بأكملها. فلم يبقَ أمام الصغار سوى منازلهم التي تحوّلت إلى مكان للتعلّم والدراسة ومكان للهو واللعب. لا يعيش صغارنا عمرهم كما يجب ولا يفجرون طاقاتهم، بل جلّ ما باستطاعتهم فعله هو تمضية أوقاتهم على الهواتف والحواسيب بين اللعب والتعلّم عن بُعد، ومشاهدة فيديوهات علىyoutube مثلاً.
يعاني الأهل أيضاً من هذه الأمور. فبعد أن كان توجيه الأطفال نحو اللعب بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية حال لسان كلّ أمٍّ وأب، أصبحوا غير قادرين على منع أولادهم عنها جراء كلّ ما يحصل. وبسبب الأزمة الاقتصادية يُحرم أطفالنا أيضاً من الهدايا والألعاب بعد أن أصبحت أسعارها “خيالية”.
“إذا معكن حبة مهدئ خدوها قبل ما قلكن السعر” هذا ما يقوله أحد أصحاب محال ألعاب الأطفال لرندا وزوجها وهما يبحثان عن لعبة تعليمية لطفلهما، “كي يمضي بعضاً من وقته في أمور مفيدة”.
اللبنانيون يعيشون هذا الوضع بطريقة مختلفة عن العالم بأسره وخصوصاً الأطفال، فالوضع لا يقتصر على جائحة كورونا إنّما يتعداها ليشمل الصدمات والوضعين الاجتماع والاقتصادي وانفجار مرفأ بيروت. هنا توضح المعالجة النفسيّة شارلوت الخليل في حديث لموقع mtv، أنّه “من المؤكّد أننا سنواجه الكثير من المشاكل وقد بدأ العديد من الأولاد يطوّرون عوارض القلق والهوس التي تظهر خصوصاً في علاماتهم وعلاقاتهم مع آخرين ومع أصدقائهم. والدراسات الأوّليّة تشير إلى أنّنا سنواجه الكثير من الاضطرابات النفسيّة عند الأطفال خصوصاً لدى الأكثر هشاشة وحساسيّة”.
تؤثّر هذه الأزمات على الأطفال نفسيًّا وجسديًّا، “فعلى الصعيد الجسدي، يتأثّرون إذ لا يتحركون بشكل كافٍ ويجلسون لفترات طويلة على الحواسيب بالإضافة إلى عدم الثبات والتقلّب في فترات النوم وتنظيم اليوم” تقول الخليل. وتضيف: “هناك زيادة في نسب التوتّر والعصبية والانزواء حتى أنّ بعض الأطفال لا يتعاطى مع من يعيشون معه في البيت نفسه. وفقدان التخالط الاجتماعي يؤثّر عليهم أيضاً. هذا عدا عن تعرضهم بشكل كبير لمواقع التواصل ومنشورات لا تناسب أعمارهم”.
وتشير الخليل إلى أنّ “الأهل بحاجة إلى مساعدة في هذه المرحلة فهم غير مرتاحين. والولد يتأثر بمحيطه، فقلق الأهل والتوتّر الذي يعيشونه جراء الوضع يؤثر بالتالي على الأطفال”. وتنصحهم بأن “يحاولوا تخصيص بعض الوقت لتمضيته مع الأولاد أي قضاء الوقت كعائلة، وأن ينبّهوا الأطفال على ضرورة حماية أنفسهم من تأثير الإنترنت بالإضافة إلى مشاركتهم بمهام المنزل كي يشعروا أنهم منتجين وأن يعلّموهم الحوار وكيفية التعبير عمّا يشعرون به والإصغاء إليهم وخلق روتين يومي ببرنامج وأهداف”.
لكلّ أزمة ضحايا، والضحايا المخفيون لما نعيشه اليوم هم الأطفال. ورغم صغرهم هم يعيشون تداعيات هذه الأزمة مثل الكبار، بفرق وحيد أن لا ناقة لهم ولا جمل بها.
مواضيع ذات صلة :
تحذير جديد لصور! | بالفيديو: بدء جرف الثلوج في المناطق الجبلية | تحذير إسرائيلي جديد إلى الضاحية |