إقرأوا ما بين سطور كلام رئيس الجمهورية
قبل 24 ساعة من معاودة المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، برعاية أميركية، زود رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعضاء الوفد اللبناني المفاوض بتوجيهاته، مشددا على “أهمية تصحيح الحدود البحرية وفقا للقوانين والانظمة الدولية، وكذلك على حق لبنان في استثمار ثرواته الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة”.
ولفت الى أن “تجاوب لبنان مع استئناف المفاوضات غير المباشرة برعاية الولايات المتحدة الاميركية واستضافة الامم المتحدة، يعكس رغبته في أن تسفر عن نتائج ايجابية من شأنها الاستمرار في حفظ الاستقرار والامان في المنطقة”.
في الشقّ الأول من توجيهات الرئيس عون تأكيد على ثبات الموقف اللبناني، الذي سبق أن عبّر عنه خلال إستقباله وكيل وزارة الخارجية الأميركية دايفيد هيل في زيارته الأخيرة، وخلاصته أنّه يحق للبنان أن يطوّر موقفه وفقًا لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي ووفقًا للأصول. وترافق ذلك مع المطالبة باعتماد خبراء دوليين لترسيم الخط “وفقًا للقانون الدولي، والالتزام بعدم القيام بأعمال نفطيّة أو غازيّة وعدم البدء بأي أعمال تنقيب في حقل كاريش وفي المياه المحاذية”.
أمّا في الشقّ الثاني من توجيهات رئيس الجمهورية ففيه بيت القصيد، وهو يعطي مفهومًا شاملًا لمسألة تجاوب لبنان مع رغبة أميركية بمعاودة المفاوضات وأمله في “أن تسفر عن نتائج ايجابية من شأنها الاستمرار في حفظ الاستقرار والامان في المنطقة”.
هذا الكلام الرسمي الصادر عن أعلى مرجعية لبنانية يوحي بأن لبنان راغب في التجاوب مع التمني الأميركي، مع تمسّكه بموقفه المبدئي، وذلك من أجل حفظ الإستقرار والأمان في المنطقة، وهذا يعني بمفهوم بعض المصادر الدبلوماسية أن لبنان مستعدّ لبذل أقصى الجهود من أجل قطع الطريق على إسرائيل، التي لا تنفكّ تلوّح بحرب محتملة على جبهتها الشمالية، وذلك إنطلاقًا من حرص لبنان على “الإستقرار والأمان في المنطقة”، مع الإشارة إلى أن الأجواء السائدة في الإقليم تدحض ما تروّج له إسرائيل وما تسعى إليه.
وفي رأي هذه المصادر فإن تجاوب لبنان مع الرغبة الأميركية كان يمكن أن يكون أصلب واقوى لو كان فيه حكومة غير تلك التي تصرّف الأعمال، والتي كان من شأنها أن تمسك الملف من مختلف زواياه، بغضّ النظر عن سلبيات أو إيجابيات تفردّ رئيس الجمهورية بهذا الملف في الوقت الضائع حكوميًا، مع ما رافق رفض رئيس الجمهورية توقيع المرسوم الذي أحاله عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وإشترط أن يوافق على مرسوم توسيع الحدود البحرية للبنان المتنازع عليها مع إسرائيل مجلس الوزراء بأكمله، الأمر الذي يؤكد حاجة لبنان أكثر من أي وقت مضى إلى حكومة فاعلة وقادرة ومنسجمة ومستقلة.
وبالتوازي، تقول المصادر الدبلوماسية إياها أنه لا بدّ من أن يرافق المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل عمل دبلوماسي رفيع المستوى مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وبالأخصّ روسيا والصين، لحثهما على الوقوف إلى جانب لبنان لجهة مطالبته بحقّه الطبيعي في مياهه الإقليمية. وهذا الأمر لم يحصل، وعلى الأرجح لن يحصل، وذلك لغياب المرجعية الواحدة، أي الحكومة اللبنانية، المفترض بها طبيعيًا أن ترسم سياسة لبنان الخارجية، بعدما كانت لفترة غير قصيرة تغرّد وفق مصالح الوزير المختصّ، مع إلغاء لدور مرجعيته الشرعية، مكتفيًا بمرجعيته الحزبية.
هذا قبل الإجتماع. أمّا بعده فقد اعطى الرئيس عون توجيهاته الى الوفد بـ”ألا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة، بل اعتماد القانون الدولي الذي يبقى الأساس لضمان استمرار المفاوضات، للوصول الى حل عادل ومنصف يريده لبنان حفاظا على المصلحة الوطنية العليا والاستقرار، وعلى حقوق اللبنانيين في استثمار ثرواتهم”.
ويبقى على المراقبين قراءة ما بين سطور كلام رئيس الجمهورية قبل الإجتماع في الناقورة وبعده، وعليهم أن يستنتجوا الرسائل الرئاسية، التي لها علاقة بما يحصل في الإقليم، وتهيئة لأجواء خريف العام 2022.
مواضيع ذات صلة :
مش كل صهر سندة ضهر | هوكشتاين يُطلع عون على مسار مفاوضات وقف النار | عون عن اغتيال السيد حسن نصرالله: افتقدُ على الصعيد الشخصي صديقاً شريفاً |