بعد أزمة الكهرباء… وداعاً للشّموع!
كتبت فانيسا مرعي في “الأخبار”:
في عزّ التطور التكنولوجي، يمرّ لبنان في مرحلة عود على بدء على صعد عدّة آخرها قطاع الكهرباء. إذ يستعدّ اللبنانيون للاستعانة بالوسائل التقليدية البدائية، بينها الشموع، لإضاءة منازلهم، بعدما أطلّت عليهم أزمة الكهرباء مجدداً، ملقية ثقلاً إضافياً على كاهلهم، في ظل وضع اقتصادي مترد غير مسبوق. فما إن أعلنت شركة كهرباء لبنان، منذ أيام، في بيان، «قيام البواخر التركية في معملي الذوق والجية بتوقيف كل المولدات العكسية لديها وبالتالي انخفاض القدرات الانتاجية الاجمالية المتوفرة على الشبكة الكهربائية اللبنانية بنحو 240 ميغاواطاً»، تزامناً مع أزمة الفيول التي تعانيها الشركة، ومع تأكيد رئيس تجمّع أصحاب المولّدات عبدو سعادة أن المولدات لا يمكن أن تغطّي قطع الكهرباء لـ 24 ساعة، حتى شعر المواطنون بأن العتمة باتت على الأبواب.
مواطنون قاطنون في مناطق مختلفة أكدوا لـ«الأخبار» تخوّفهم من الوصول إلى العتمة الشاملة، متحدّثين عن أهمية الشموع التي قد تصبح من الأساسيات في حياتهم اليومية والتي رغم ارتفاع أسعارها مع ارتفاع سعر صرف الدولار، لا تزال الوسيلة الأوفر بالنسبة إلى غيرها من الوسائل. يعبّر هؤلاء عن قلقهم من انعكاس أزمة الكهرباء على أعمالهم وعلى التعليم عن بعد وغيرهما من الأمور التي تتطلّب طاقة كهربائية.
أزمة الكهرباء هذه، ترافقها أزمة جديدة تتعلّق بمصانع الشمع، إذ أقفل عدد منها أبوابه أو بات يعمل بشكل جزئي (المصانع التي تصنّع الشمع ذا الشكل العادي أو تلك التي تصنّع شمع الزينة)، نظراً إلى تراجع المبيعات، كون الشمع، حتى اليوم، ليس من السلع التي يعتبر وجودها أساسياً في المنازل، لكن هل سيكون المنقذ بوجه الظلمة المرتقبة في الأيام المقبلة؟
صاحب مصنع الشمع في عمشيت جاك أبي رميا، أوضح لـ«الأخبار» أن «سعر طنّ مادة البارافين (تُستخرج من النفط)، التي يصنّع منها الشمع، ارتفع 430 دولاراً بسبب ارتفاع تكاليف الشحن من الخارج وسعر النفط عالمياً»، مؤكداً «تراجع نسبة المبيعات منذ عامين في مصنعه 75 في المئة، ما يعني أن نسبة المبيع حالياً هي فقط 25 في المئة».
وحذّر أبي رميا من شراء الشّموع البلاستيكية المصنّعة من مواد كيميائية مضرّة بالصحة، شارحاً أن اكتشاف هذه الأنواع يمكن أن يتم من خلال رائحة المازوت التي تفوح منها، أمّا الشموع ذات الشكل الطويل التي تكون داخل أكياس فيمكن التعرف إلى النوعية السيئة منها من خلال الأشكال التي تتّخذها لدى الذوبان وتلاصقها ببعضها.
محالّ بيع الشموع شهدت أيضاً تراجعاً في المبيعات في الفترة الأخيرة، إذ أكد صاحب محل لبيع الشموع في جونيه، جاد غانم، لـ«الأخبار»، أنه قبل بدء أزمة الدولار كانت نسبة المبيعات كبيرة، وبالتالي كانت نسبة استيراد الشموع مرتفعة. ويقول: «كنا نستورد كل شهرين “كونتاينر” من الشموع المتنوعة الأحجام، لكن منذ حوالى السنتين تراجعت نسبة المبيعات أكثر من 80 في المئة».
ولفت غانم إلى أن «هناك أزمة في استيراد الشموع وتوفيرها للمواطنين، خصوصاً بسبب صعوبة إجراء التحويلات المالية إلى المصدّرين في الخارج»، ما دفعه إلى وقف الاستيراد حالياً من إيطاليا، كاشفاً عن «فقدان الخيوط، التي تُستخدم في صناعة الشمع، من الأسواق».
وشرح غانم أن الشمعة البلاستيكية المتوسطة الحجم (t50) التي يمكن أن تبقى مشتعلة على مدى ثلاثة أيام، كانت تباع بـ1600 ليرة، واليوم ارتفع سعرها وفق سعر الصرف في السوق السوداء ليصبح 14 ألف ليرة .
قد لا تكون الشمعة مهمّة للغاية في البيوت الفاخرة، أمام ما يملك أصحاب هذه البيوت من آلات متطورة قادرة على توفير التيار الكهربائي وانتشالهم من «موجة الظلمة»، لكنها حتماً ستنقذ الطبقات المتوسطة والفقيرة من سواد حالك.