دبيبو: مضاعفات “دلتا” خطيرة.. وأي لقاح أفضل من عدمه
كتب وليد حسين في “المدن”:
فيما يتوافد المسافرون والمغتربون إلى لبنان، ينتشر متحور دلتا الهندي وترتفع المخاوف من أن انتشاره قد يؤدي إلى انبعاث موجة جديدة من كورونا. فقد بات هذا المتحور منتشراً في أكثر من مئة دولة، بعد رفع الدول القيود المحلية وعلى السفر. وتبين أن الإصابات التي أعلن عنها حديثاً في لبنان تعود إلى عينات أخذت في الفترة السابقة. وهذا يرجح انتشار المتحور في لبنان. فحتى الساعة لا تكشف فحوص كورونا في المطار نوع الإصابة. إذ لم يصنع بعد فحص بي سي آر خاص بهذا المتحور.
للوقوف على خصائص هذا المتحور، ومدى اختلافه عن باقي المتحورات وخطورته، والمضاعفات التي قد تنجم عنه، ومدى فعالية اللقاحات في مكافحته، كان لـ”المدن” حديث مع رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو لجنة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الدكتورغسان دبيبو.
ما هي خصائص هذا المتحور، بماذا يختلف عن الفيروس الأصلي؟ وهل بات خطيراً ويؤدي إلى ارتفاع عدد المرضى والوفيات؟
طبيعة فيروس كورونا أنه دائم التحور. في نسخة دلتا المعروفة بالمتحور الهندي طرأت تحورات على البروتين الشوكي في الفيروس، الذي يستخدم في اللقاحات الحالية كلها. وحصلت هذه الطفرات سابقاً، مثل تلك التي طرأت على السلالة الإنكليزية والبرازيلية، لكنها تراكمت في متحور دلتا، ويضاف إليها طفرات جديدة، أدت إلى سلالة فعالة لناحية سرعة الانتشار من شخص إلى آخر وبمدة زمنية قليلة. كما أنها جعلت الفيروس فعالاً لناحية التصاقه بخلايا الإنسان، فيما كان سابقاً يحتاج إلى خطوات عديدة لإنجاز انتشاره. لذا وبمقارنة بالفيروس الأصلي وبالمتحورات السابقة، بات متحور دلتا أكثر فعالية لناحية الانتشار في جسم الإنسان والدخول إلى الخلايا بكميات أكبر. وهذا يؤدي إلى حصول أمراض أقوى من السابق، وبالتالي مضاعفات صحية أكبر والدخول إلى المستشفيات أيضاً. ولأن نسبة التلقيح غير كافية، فأن الإصابات، ونسب الذين تحصل عندهم مضاعفات مرضية، ترتفع، وهذا أمر طبيعي.
اكتُشِفت إصابات بين متلقي اللقاحات. هل هذا يعني أن المتحور قادر على تخطي المناعة المكتسبة؟
يجب التوضيح أن مناعة الإنسان، سواء المكتسبة من الإصابة أو من اللقاحات، موجهة إلى السلالة الأصلية، أو متحورتها التي طغت سابقاً. وفي حال عدم وجود نسبة مناعة عالية لدى الإنسان على البروتين الشوكي، لمحاربة انتشاره السريع في الجسم، لا يستطيع جهاز المناعة السيطرة على الفيروس بنسخة دلتا، وتحصل مضاعفات صحية.
وأظهرت الدراسات أن لهذه السلالة قدرة على تخطي المناعة المكتسبة بحدود معينة. وهناك دراسات تظهر وجود فارق بين اللقاحات الموجودة في الاستجابة مع هذه السلالة. لكن جميع اللقاحات لها فعالية عليها حتى لو اختلفت نسبتها بين لقاح وآخر. وبعض اللقاحات ربما غير قادرة على منع الإصابة كلياً، لكنها تمنع الإصابات القوية التي تؤدي إلى مضاعفات تستدعي الدخول إلى المستشفيات. بالتالي تلقي أي لقاح أفضل من عدمه.
ووفق الدراسات العالمية اللقاحات التي تستخدم تقنيات مرسال الرنا مثل فايزر وموديرنا، فعاليتها على هذه السلالة تصل إلى نحو 88 في المئة، أي أقل بنحو سبعة بالمئة عن السلالة الأصلية. وهذا أمر متوقع لأنه كلما تحور الفيروس أكثر تقل فعالية اللقاح. أما باقي اللقاحات مثل أسترازينيكا وسبوتنيك واللقاحات الصينية، فتنخفض فعاليتها لتتراوح بين ستين وسبعين بالمئة. لكن أي لقاح أفضل من عدم تلقيه. فهناك دراسات أظهرت حصول إصابات بين متلقي اللقاحات. لكنها أقل حدة عن الذين لم يتلقوا أي لقاح.
هل يستدعي هذا المتحور تغيير اللقاحات الحالية، لتصبح أكثر استجابة له؟
تعديل اللقاحات أمر سهل تقنياً. وحتى الساعة لم يتغير الفيروس بشكل يستدعي تغيير اللقاحات. فالأخيرة لم تفقد فعاليتها بعد. وفي حال طغى المتحور دلتا عالمياً، كما هو متوقع، أي يحل مكان جميع السلالات السابقة، ستكون النسخ الجديدة من اللقاحات مصممة للاستجابة له ومكافحته. لكن المسألة لا تتعلق حالياً بكيفية تغيير اللقاح بل بالتصنيع والتسويق، فهناك مليارات من الجرعات المصنعة في الأسواق.
والأهم من كل ذلك حالياً، علينا أن نعي أن تلقي اللقاح يجب أن يكون بمعزل عن فعاليته. وعلى المواطن تلقي أي لقاح متوفر حالياً، وعندما يتوفر اللقاح المفضل له مستقبلاً، يمكنه تلقيه. لقد أثبتت بعض الدراسات، ومنها الألمانية التي صدرت مؤخراً، أن مزج اللقاحات بين متلقي أسترازينيكا وفايزر له فعالية أفضل من تلقي جرعتين من اللقاح عينه. وتبين أن مزج اللقاحات يؤدي إلى استجابة مناعية أقوى بقليل من أخذ جرعتين من فايزر أو جرعتين من أسترازينيكا. وهذا يشجع المواطنين الرافضين لأسترازينيكا. أي يمكنهم تلقي جرعة منه حالياً وانتظار فايزر للجرعة الثانية عندما يتوفر.
مواضيع ذات صلة :
“دلتا” علقت رحلاتها إلى إسرائيل حتى نهاية العام | سبب غريب.. دراسة تكشف السر وراء الانتشار السريع لـ “أوميكرون”! | طبيب روسي يوضّح اختلاف “أوميكرون” عن سلالات أخرى |