أبعد من تصريح قرداحي: العلاقات اللّبنانيّة – السّعوديّة في أوجّ تأزّمها
كتبت جيني رحمة لـ”هنا لبنان”:
يفتتح الرّئيس ميشال عون باب السّنة السادسة والأخيرة من عهده على صورةٍ سوداويّة. فنتائج تسليم بعبدا مصير لبنان للمحور الإيرانيّ تنهمر على مكوّنات الدّولة كافّة، ليكون آخرها أزمة ديبلوماسيّة تطوّرت بسرعةٍ لم يتوقّعها أحد.
فـ”الزحطتان” الأمنيّة مع شحنة الرّمان المخدّر، والدّيبلوماسية مع وزير الخارجيّة السّابق شربل وهبة، فرضتا على لبنان إجراءاتٍ لو اتّخذَها، لتوقّف المسار الانحداريّ للعلاقات اللّبنانية-السّعوديّة.
إلّا أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الّتي شدّدت في عناوينها العريضة على إعادة إحياء العلاقات مع دول الخليج العربي، وعلى العودة إلى أحضان “الأخ الكبير”، توّجت هذه “العناوين” بـ “خبصة” وزير الإعلام جورج قرداحي، الّذي أودى فائض ضلوعه بالسياسة الداخليّة، إلى توسيع نشاطاته ليتعامل بالشؤون الخليجيّة.
وبعد زحطة قرداحي، المقصودة على ما يبدو، تأخّرت الدّولة اللبنانية بردّة الفعل المناسبة، بحسب ما تقول مصادر متابعة لـ”هنا لبنان”، “فالمسؤولون تعاملوا مع الأزمة باستخفافٍ ولم يقدّروا عواقب ما يحصل “ولا كأنن عارفين”. أمّا الرئيس عون فتعامل مع الأمر كأنّه إشكالٌ بسيطٌ يُعالج”. ما دفع بالمصادر إلى السؤال: “هل نتّجه إلى استقالة الحكومة؟ فاستقالة قرداحي وحده لم تعد كافية، ملمحّةً في السّياق نفسه إلى لعبة توازناتٍ في الحكومة، فهناك همسٌ عن نيّة الوزيرين السّنّيّين، ناصر ياسين وفراس أبيض، تقديم استقالتهما، وذلك في مواجهة الضّغط الّذي يمارسه حزب الله على قرداحي لعدم الاستقالة.
ووفق المصادر نفسها، فإنّ “دول الخليج “ما عم تعطينا نفس”. وذهبت إلى حدّ “صدّ” كل محاولات التّرقيع الّتي حصلت أمس. فالفرنسي والأميركي دخلا خطّ الأزمة، كما الجامعة العربيّة الّتي تراهن على القرارات التي سيتّخذها رئيس الحكومة، فيما يتعلّق بتحمّل مسؤوليّة ما حصل للدولة اللبنانية”.
وتتابع المصادر مشددّة على أنّ “الخليج العربي لم يعد يميّز بين حزب الله والرئيس عون، إذ يرى الأخير كآلةٍ عند الحزب، وأنّ الاثنين لا يقدّران حجم الكارثة. كذلك الأمر بالنّسبة للنائب السابق سليمان فرنجيّة الذي يراهن حتّى اللحظة على البطريرك الماروني بشارة الراعي لمحاولة حلحلة الأمور مع السّفير السّعودي وليد البخاري، الذي غادر الأراضي اللبنانية”.
أمّا على المستوى الإقليمي، فالوضع متأزّمٌ إلى أبعد الحالات. فالكباش على أشدّه بين السعودية وإيران، لاسيّما أنّ الأخيرة ترفض البحث بأيّ أزمةٍ لا تتّصل بالشّؤون النووية خارج أراضيها.
في سياق كلّ ما سبق أتى تصريح قرداحي كالقشّة التي قصمت ظهر البعير على رأس مفاوضات إيرانية – سعوديّة معقّدة.
وبين الاحتقان السّعودي من نهج التّهجّم على المملكة الذي اعتمدته شخصيّات سياسيّة لبنانيّة عدّة، وتعامل الجهات الرسمية المحليّة مع هذا النهج بخفّةٍ غير مقبولة، ها هي الصادرات الّلبنانيّة نحو السعوديّة والتي تتجاوز قيمتها الـ 250 مليون دولار، مهدّدةٌ بالتوقّف الكامل، ليتم بذلك عزل بيروت عن الدولارات العربيّة، وإغراق لبنان أكثر فأكثر بالأزمات الماليّة والاقتصاديّة، وصولاً إلى انعدام فرص النهوض.
على وقع الغموض، يبدأ إذًا الرئيس عون سنته الأخيرة، على أمل ألّا يتكرر سيناريو الـ 89، وأن ينهي هذا العهد “الجهنمي” قبل أوانه، باستقالةٍ لم تطالب بها دول الخليج، بل يردّدها معظم اللبنانيّينَ يوميًّا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مأساة مراكب الموت تتكرر: الهجرة غير الشرعية… رحلات يوميّة ممنهجة؟ | المعركة حامية… اللبنانية كالين معراوي إلى البرلمان الفرنسي؟ | الانتخابات النيابية برأي الشارع… مؤجلة أم في موعدها؟ |