المبادرة الفرنسية تتنفس: مؤتمر ووثيقة تأسيسية

المصدر: طوني عيسى – صحيفة الجمهورية
في المرحلة الأخيرة من الانهيار، يتموضع لبنان على مفترق حاسم بين خيارين: الأول هو أن يصل إلى القعر، وتتفكّك مؤسساته. والثاني هو أن تتحرَّك القوى الدولية لفرملة انهياره عند نقطة معينة.

أظهر الرئيس إيمانويل ماكرون أنه ما زال متشبثاً بمبادرته اللبنانية، على رغم الصدمات التي تعرّضت لها، منذ انطلاقها في آب الفائت.

ثمة مَن يقول إنّ ماكرون تراجع «تَكْتِياً» في انتظار تبلور الصورة ، سواء لجهة التنسيق بين باريس وإدارة الرئيس جو بايدن، أو لجهة انتظار خطوات إيجابية في الاتصالات الأميركية – الإيرانية.

المتابعون يؤكدون أنّ إدارة بايدن جدّدت إطلاق يد فرنسا لإنجاح مبادرتها في لبنان، وأزالت التحفّظ الذي كانت تلتزمه إدارة الرئيس دونالد ترامب.

ولذلك، يمنح الأميركيون ماكرون «توكيلاً» بمعالجة الملف اللبناني، ضمن ضوابط متفق عليها.

ويعترف الأميركيون أنّ لفرنسا معرفة وخبرة جيدة في الوضع اللبناني، وأنها تدرك خصوصيات التركيبة اللبنانية المعقّدة سياسياً وطائفياً ومذهبياً. وتالياً، يمكنها أن تكون الوسيط المباشر لتحقيق التسويات أو الاتفاقات الكبرى.

وطوال سنوات، بقيت المؤسسات في لبنان تشكل خطّاً أحمر لا يتجاوزه الأميركيون أو الفرنسيون، وفي مقدمها الجيش ومصرف لبنان.

وهذا هو جوهر التلاقي الأميركي – الفرنسي، حالياً، حول المؤسسة العسكرية، والتعاطي الاستثنائي مع قائدها العماد جوزف عون في زيارته الفرنسية الأخيرة واللقاء مع ماكرون، والقرار بتنظيم مؤتمر دولي لدعم الجيش، برعاية فرنسية.

فهناك حرص أميركي – فرنسي على عدم السماح بأن تترك الأزمة المالية انعكاساتها على الجيش مؤسسةً وأفراداً، سواء في الجوانب المهنية أو الاجتماعية، ما ينعكس سلباً على معنويات الأفراد وقدرتهم على أداء مهماتهم.

هذا التنسيق الأميركي – الفرنسي في موضوع الجيش، تعتقد المصادر المواكبة أنه سيكون جزءاً من عملية تَدخُّل شاملة في الملف اللبناني ستظهر مفاعيلها بالتوازي مع دخول لبنان مراحل انهياره القاسية.

وهذا التدخُّل سيكون مبرمجاً على بنود المبادرة التي أطلقها ماكرون خلال زيارته الأولى للبنان، والتي تتضمن تأليف حكومة مَهمَّة وإقرار وثيقة ذات طابع تأسيسي، تتضمن إنتاج سلطة جديدة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us