أيّ معارك خاسرة يفتعل باسيل؟

ربما لم يدرك بعد صهر الجنرال النائب جبران باسيل انه ليس جنرالاً وانه لن يكون العماد ميشال عون الذي، وإن اختلف المرء معه او اتفق، له ثقله السياسي والتمثيلي، وله تاريخه.

كان العماد عون في زمن غير هذا الزمن، خاض معاركه الحربية، غير المرتكزة على اسس علمية وعسكرية صحيحة غالباً، وخاض معارك سياسية تمكن خلالها من تحقيق انتصارات، وهي ايضاً انتصارات وهمية في معارك وهمية يخوضها اهل السياسة في لبنان لتحصين مواقعهم الطائفية والمذهبية، وتحقيق مصالحهم.

اليوم يحاول رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل استعادة ماضٍ سحيق، لم يعد الزمن زمنه، ولا المكان مكانه. ربما لا يعلم ان لبنان التسعينات وما قبلها، تبدل كثيراً في كل شيء، بل حتى يمكن القول ان لبنان الحالي لم يعد يشبهنا كثيراً، وصرنا اقرب الى الغربة فيه. وهذا الامر ليس وليد ساعته، انما هو مخطط مُحكم لتغيير وجه لبنان. وهو يتحقق بوتيرة باتت اسرع بسبب سياسات اعتمدها مع فريقه السياسي أضعفت المناعة اللبنانية.

بالامس اطل علينا باسيل مقدماً نفسه حامي المسيحيين في مواجهة “اهل السنّة” الذين يمثلهم الرئيس المكلف سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقون، وفي مواجهة الرئيس الشيعي نبيه بري الذي تقوم معه خصومة سياسية تمتد من العمّ الى الصهر. والعلاقة مع الزعيم الدرزي ليست افضل حالاً. ما يعني خصومة مع كل مكونات البلد الاسلامية.

يمكن لباسيل وغيره ادعاء حماية المسيحيين، وتمثيلهم. لكن ما حصل مع باسيل انه، أنه لم يحدد وجهة معاركه، بل مضى في الاتجاه غير الصحيح، اذ بدل ان يقدم نفسه حامي الحمى، وجَّه سهامه الى الفئات الوازنة والاكثر تمثيلاً لدى المسيحيين، فصوّب على رجال الدين غامزاً من قناة البطريرك الراعي والمطران الياس عوده، ثم اطلق مدفعيته على حزب “القوات اللبنانية”.

وهو بذلك اضعف ادعاءه حماية المسيحيين والعمل على استرجاع حقوقهم، اذ لا يمكن لمن يهاجم بكركي ورجال الدين المسيحيين، ويختلف مع الأحزاب المسيحية الأخرى ، والنواب المسيحيين المستقلين، ان يمثل المسيحيين او ان يدّعي ذلك، لان الخلاف مع مجموع هؤلاء يسقط تلك الحجة، بل يجعلها واهية، ويضرب صدقيته.

قد يكون باسيل نجح، بقانون الانتخاب المعتمد حالياً، في تحسين التمثيل المسيحي لناحية تفعيل دور الناخبين المسيحيين في اختيار ممثليهم، لكن هذا الانجاز لم يصمد كثيراً، اذ وجب تحصينه بمصالحات، او على الاقل بالمحافظة على النواب الذين شكلوا جزءاً من تكتله “القوي”، قبل ان يبدأ هؤلاء الانسحاب تباعاً، ليصبّ قانون الانتخاب في غير المنحى الذي أريدَ له.

المصدر: غسان حجار – صحيفة النهار

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us