هزيمة المجرمين في صناديق الاقتراع
تتجه البلاد يوما بعد يوم نحو الانفجار الاجتماعي الكبير فالازمة الاقتصادية، المعيشية ما عادت تطاق. اما ازمة تشكيل الحكومة، والتنازع التافه على صلاحيات من هنا، وحصص من هناك فقد تعدّاه الزمن، وصار خلفنا.
ان الازمة، لا بل المأساة التي يعاني منها اللبنانيون كبيرة الى حد ان البنك الدولي صنّفها كواحدة من بين ثلاث أزمات هي الاسوأ في تاريخ العالم منذ العام 1850، كما ان أحدا لا يعرف اليوم، بعد مرور اكثر من سنة ونصف سنة على نشوبها، كم من الوقت ستدوم.
لم يعد في يوميات اللبناني من مكان لغير الحديث عن أزمات، وشح، وفقر، ويأس، يستحيل ان تخفيها بعض الصور او مقاطع الڤيديو على وسائل التواصل التي تبرز جانبا “مشرقا” لعوبا من الحياة اللبنانية، لا سيما الليلية.
هذا الجانب تعكسه حياة صاخبة يعيشها بضعة آلاف من اللبنانيين المقتدرين، ومثلهم من اللبنانيين الآتين من بلاد الانتشار الذين يضخون شيئا من “اوكسيجين” النقد الأجنبي في عروق البلد
اما غالبية اللبنانيين، أي أربعة الى خمسة ملايين مواطن، فيعيشون أسوأ ايامهم على تماس مع الفقر، والعوز، والقلة، وانعدام الأفق، على المستويات كافة. في الوقت نفسه نجد طاقما حاكما لا بل نكاد نقول طاقما مجرما، لا يملك الحد الادنى من حس المسؤولية، يعيش في عزلة تامة عن حياة ملايين اللبنانيين وعذاباتهم.
ما تقدم هو وصف ببضع كلمات لمعاناة اللبنانيين، ولكنها كلمات يجب ألا تكون مدعاة لليأس والاستسلام. يجب ان تكون حافزا للثورة على الذل، والهوان، والجريمة المنظمة بالسياسة، ولقمة العيش التي يتعرض لها اللبناني.
هذه كلمات ينبغي ان تكون شعلة لنار الغضب الشعبي الذي ما عاد في الإمكان تجاوزه مع هذا الطاقم المجرم الذي نهب البلاد والعباد، والآن يخطط لخوض انتخابات في محاولة لتأبيد هذه الجريمة مع أجيال جديدة من الجلادين.
هذا الطاقم الذي يمنع ولادة حكومة الحد الأدنى ومهمتها محاولة وقف الانهيار، ويكمل مشوار النزاعات الشخصية، وفي ظنه انه يحرق الوقت في انتظار ان يحين وقت الحديث عن حكومة انتخابات، او ان يحين وقت التفاوض على اسم رئيس جمهورية الموت واليأس المقبل!
ان معاناة اللبنانيين يجب ان تدفعهم الى تفجير غضبهم على الطاقم الحاكم، ويجب ان تكون شرارة لقلب الطاولة على الجميع. فمن اوصلوا لبنان الى هذا القعر يستحيل ان ينتشلوه.
هؤلاء مكانهم خارج مستقبل اللبنانيين. ولعل ما شهدته انتخابات المندوبين في نقابة المهندسين يوم الاحد الماضي اكبر دليل على انه بالإمكان خلق تكتلات لتغيير الواقع السيىء لإلحاق هزيمة بالمجرمين بوسائل ديموقراطية عبر صناديق الاقتراع.
المصدر: علي حمادة – صحيفة النهار