يا جيش صبر أيوب!

ألف تحية الى هذا الجيش اللبناني عندما يفكر في ان ينظم رحلات جوية مخصصة للمدنيين للتجول فوق لبنان، في خطوة من شأنها توفير عائدات مالية لقواته المسلحة، التي تعاني من الأزمة الاقتصادية الخانقة تماماً، أكثر بكثير من الشعب والمواطنين.

فإنه يتجاوز الشرف والإنضباط لأنه بهذا يجمع “الجوع والعوز وطعام الأولاد مع الشرف والتضحية والوفاء” داخل حزمة واحدة هي الصبر والسكوت والإلتزام بالقسَم.

ربما اختار الجيش تنظيم هذه الرحلات الجوية بعنوان “لبنان من فوق”، لأنه يدرك ان الذين سيذهبون في هذه الرحلات يريدون ان يشاهدوا جمال تلك الجبال والوديان وروعتها، بما قد يعوّضهم عن مأساة واقع الحال في لبنان المدعوس تحت، فهم يعرفون اصلاً الحال الكارثية للبنان من تحت، لبنان الجوع، ولبنان المزبلة، ولبنان العتمة، ولبنان فوضى البنزين والمحطات.

ولبنان الذي كان “يا أخضر حلو” فجاء عليه تحالف جهنمي بين العصابات السياسية السارقة النهّابة الوقحة، التي ستجعل الذين يستقلون حوامات الجيش اللبناني يقول: “لبنان تحت يا مرقد الماعز السياسي البشع”.

من أين ابتدع الجيش هذه الفكرة، رحلة بعنوان “لبنان من فوق” مقابل 150 دولاراً، لن تجدها في هذه الأيام الصعبة إلا مع القلائل من الناس، أما العصابة السياسية فعندها طائراتها الخاصة، وهي التي سرقت لبنان من فوق ومن تحت، الى درجة ان الجندي الذي كان راتبه 800 دولار صار اقل من مئة دولار.

هذا جيش من أبناء أيوب يحاول تنظيم رحلات سياحية ليحسّن قليلاً من وضعه الاقتصادي المأسوي، وهناك مَن لا يكفّون عن الحديث عن المحاسبة الجنائية للذين نهبوا البلد، ولم يتمكنوا حتى الآن من القبض على سارق واحد، فهم عصابة متعاونة و”كلّن يعني كلّن” ولا آدمي.

في أي بلد في العالم ، ليس من جيش يجوع فيلجأ الى تنظيم سياحة فضائية، ويبقى ساكتاً على عصابة تمصّ دم البلد وأهله.

لكن جوزف عون قائد منضبط ووطني ومستقيم، ربما لهذا كانت “فكرة لبنان من فوق”، لأن لبنان من تحت بعد الدمار الذي احدثته العصابة السياسية فيه، كان يتطلب جيشاً يتجرد من الإنضباط والأخلاقية، فيعتقل معظم هؤلاء المسؤولين ويأخذهم الى الحوامات، الى الأعلى، ويسألهم:
هل ترون لبنان الحلو من فوق؟ ثم يلبطهم ليسقطوا الى تحت حيث معالم جرائمهم الصارخة.

المصدر: راجح خوري – صحيفة النهار

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us