بلا رأس!

يرسم بعض الحزبيّين صورةً غنميّة لأنفسهم. والغنميّة من الغنم الذي يسير في القطيع ويطيع. فالانتماء الحزبي ليس خطأً. لكن أن تكون حزبيّاً بلا رأس هو الخطأ.
يمكنك، مثلاً، أن تؤيّد حزب الله وأمينه العام، وأن تقول، في الوقت عينه، ما فعله الحزب ليس صواباً وما قاله السيّد غير دقيق. إن كان الحزب والسيّد دائماً على حقّ، فيعني ذلك أنّك بلا رأس
وقد تؤيّد رئيس الجمهوريّة والنائب جبران باسيل، وبإمكانك أن تقتنع بأفكارهما وأن تدافع عنها، ولكن حين تقول، مثلاً، إنّ الرئيس جبل والعهد هو الأفضل وميشال عون وباسيل لم يرتكبا هفوةً ولو لمرّة، فإنّك حتماً بلا رأس.
وينسحب الأمر على الزعماء الآخرين: نبيه بري، سعد الحريري، وليد جنبلاط، سليمان فرنجيّة، طلال ارسلان، سمير جعجع، سامي الجميّل وغيرهم…

لا يمكنك أن تؤيّد من دون أن تفكّر. أيّد، وناقش، وخالف أحياناً. قلْ هذا خطأ وهذا صواب. لا تصفّق “عالعمياني”. ولا ترفع شعار “زعيمي دائماً على حقّ”. لا أحد دائماً على حقّ. الزعماء يخطئون، ولو عن حسن نيّة. ولكن، نادراً ما نلمح حزبيّاً ينتقد زعيمه. أو، حتى، يعترض على قرارٍ أو موقف.

والأمر نفسه ينطبق على المسمّاة “ثورة”. يمكنك أن تكون مع “الثورة” ومطالبها، وأن تكتب ملاحظات عليها في الوقت عينه.

وقد كتبنا، عن خطأ اقتحام المطاعم لملاحقة السياسيّين، ونصحنا بأسرهم في بيوتهم و”بهدلتهم”، فخرجت صفحات على مواقع التواصل تشتم وتتّهم، ولا من يقرأ ويناقش.
السلطة ونقيضها يتشابهان أحياناً. السلطة تعاني من قلّة الضمير، و”الثورة” تعاني من قلّةً الوعي.
ولعلّ هذه الصورة الغنميّة إن استمرّت، وهي مستمرّة بوتيرة أعلى كما يظهر واضحاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تنذر بأنّ وضعنا صعب، وقيامتنا مستحيلة.

وإذا كان الزعيم “يلبّط” الناس بينما هؤلاء يصفّقون له، فسيواصل “اللبيط”. المؤسف أنّ من لا يتبعون زعيماً ولا ينتمون الى حزبٍ يلحقهم “اللبيط” أيضاً.
فكفى غنميّةً، علّنا نخلص…

 

المصدر: داني حداد – MTV

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us