خطة للسياحة في “جهنم”!
لا شيء في لبنان يبعث على القلق، كل الأمور على ما يرام وكل التوقعات توحي بأن ليس هناك من أزمات تستدعي الحل، والمسؤولون في غاية الاطمئنان وراحة البال.
هل من الضروري ان يكون في البلد حكومة؟ لا ليس بالضرورة على الإطلاق، قبل التوصل الى التفاهم على تفسير طلاسم الدستور، فعندنا واحدة نائمة في السرايا تصرّف الأعمال، وواحدة كبديل غبّ الطلب، هي مجلس الدفاع الأعلى الذي يجتمع دورياً في بعبدا، والتي لم تتمكن من وقف شاحنة تهريب واحدة الى سوريا.
لا مشكلة على الإطلاق في البلد، فها هو الرئيس عون الذي قال يوماً “اننا ذاهبون” الى جهنم يستقبل الوزير رمزي مشرفية للإطلاع على خطة وزارته للموسم السياحي وتوافد اللبنانيين في الخارج.
لا ندري لماذا يعتمدون على ما يسمى الموسم السياحي، عندما يكون البلد بلا كهرباء ولا ماء ولا بنزين وبلا انارة وبلا إشارات سير، وبلا دواء وبلا خبز وحتى بلا شموع وقناديل كاز، وكيف يتحدثون عن خطة سياحية في غياب كل الأمور البدائية، ويجتمعون لمناقشتها ودرسها !
المشكلة اننا أدرى بحالنا من وزراء الدول الأوروبية، الذين يبحثون ازمتنا في بروكسيل ويلوّحون بفرض عقوبات على تلك الجماعة السياسية المسؤولة، وحتى ادرى من كل الدول التي تعلن بأسف واضح ان لبنان لم يشهد أي تحسن منذ فترة طويلة وقد بدأ بالإنهيار الأخير، لكننا نراهن على الموسم السياحي!
في أي حال السياح الذين وصلوا الى لبنان قرأوا في اليومين الماضيين القصة المأساة للطفلة الرضيعة جوري السيد، والتي توفيت نتيجة اصابتها بارتفاع في الحرارة، وعجزَ والداها عن تأمين الدواء اللازم لعلاجها، وقد تزامن هذا مع اضراب الصيدليات في لبنان، ومع النقص الهائل في الأدوية، وكلها عوامل مشجعة للموسم السياحي، باعتبار ان السياح الذين سيقصدون لبنان هم جماعة من الإنتحاريين لا تهمّهم الامراض!
لبنان ليس اكثر من دولة منهارة وفاشلة ومتروكة، وليس فيها مسؤولون يدركون المعنى الوطني والإنساني والأخلاقي للمسؤولية، وأشنع من كل هذا ان كل هذه العصابة السياسية التي نهبت لبنان لم تعلّق بكلمة أسى ولو كذباً حيال الطفلة جوري، وهذا ليس مستغرباً فلقد انتحر الكثيرون من قبل ولم نسمع كلمة حياء من مسؤول، وفي بلاد العالم يستقيل المسؤول كما تقتضي المسؤولية في عمق معناها!
المصدر: راجح خوري – صحيفة النهار