شغف الفراغ… والثور الابيض!

ثمة ما يستدعي اعترافنا بالصدمة حيال الصمت المخزي لمعظم القوى السياسية حيال تمرير تطور بالغ الخطورة بحجم اعتذار الرئيس الحريري من دون رفة جفن حيال شغف الفراغ المتحكم بالعهد العوني.

لا نمزج اطلاقا بين الموقف الذي صار واجبا على كل القوى السياسية اتخاذه من هذا الشغف المدمر للاستثمار في الفراغ الدستوري والذي يتملك تفكير العهد وممارساته منذ الوهلة الأولى لادخال سيده الى العالم السياسي، وبين علاقات هذه القوى مع زعيم تيار المستقبل.

المسألة الجوهرية اختصرها بمنتهى البلاغة الأليمة الحريري في مقابلته التلفزيونية مساء يوم الاعتذار بقوله انه رفض ان يصبح جزءا من الفراغ الذي يريده العهد العوني.

لا ندري ما اذا كانت القوى السياسية تحتاج وهي تتفرج على مرحلة تطل على احتمال انزلاق لبنان الى شر المصائر، الى ان نعرفها على مفهوم الفراغ المرعب الذي يجري عبره ضرب النظام والدستور والطائف مهما تسبب به الامر من اخطار على لبنان كله.

اذا كُنتُم في حاجة الى إعادة انعاش ذاكرتكم المستهينة بخفة مرعبة بما يعنيه اعتذار سعد الحريري في هذه اللحظة بتعريف الفراغ فهو الوجه الأبشع للانقلاب من داخل المؤسسات الدستورية، هذا النمط الذي استفحل واشتد منذ نسجت عرى تفاهم مار مخايل بين العماد عون والسيد نصرالله والذي صار المعادلة الانقلابية التي تحكمت عبرها ايران بلبنان ولا تزال بعد انتهاء الوصاية السورية.

الفراغ هو الوجه الأبشع للخداع السياسي الذي استغل الشعبوية التي تحمل عنوان الحقوق المسيحية فبدأت على نار توظيفه عملية تجويف الطائف على يد احد اكبر التيارات المسيحية بالتحالف والتواطؤ والتآمر مع “حزب الله”.

الفراغ لا يعني فقط الاستهانة بالأصول الدستورية او النجاح المنقطع النظير في اسقاط الاستشارات النيابية ولو بعد تسعة اشهر، بل يعني الاستعداد بلا أي تردد لدى العهد المصاب بمتلازمة الشغف بالفراغ لاسقاط كل مهابة وصدقية مجلس النواب ما دامت القوى السياسية والكتل النيابية صامتة عن آخر واسوأ الإهانات التي وجهها اليها العهد ومن خلفه حليفه الحزب الحديدي.

الفراغ لا يعني ان الاعتذار وضع حدا للعبث التصاعدي المحموم بكل الأصول والذي أدى الى قيام “لبنان المارق” في ظل هذا العهد، بل ان ما ينتظركم أيها السادة الصامتون، سيكون حتما وفق قاعدة “اكلت يوم اكل الثور الأبيض” التي لا مجال للخلل والخطأ فيها في مسارات السياسة الداخلية منذ بدأ هذا العهد الذي لا يأبه لاحد ما دام متكأه واحدا أحدا هو “حزب الله”.

المصدر: نبيل بومنصف – صحيفة النهار

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us