حرب «الداخلية» لن تتأخّر

لا تزال الديبلوماسية الفرنسية تأمل بولادة الحكومة رغم المؤشرات غير المشجعة التي بدأت تظهر. حتى الآن لم تلامس المشاورات المباشرة بين الرئيس عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي المنطقة المحظورة. والمقصود هنا الحقائب السيادية، وتحديداً حقيبة الداخلية ومن سيتولّى التسمية.

لكن الرسائل المبطنة التي يجري تبادلها من خلال مقرّبين، لا تبعث على الارتياح. فالرئيس عون يبدي تمسكّه النهائي بالاستحواذ على حقيبة الداخلية؛ فيما الرئيس ميقاتي، لن يذهب في هذا الإتجاه مهما حصل. وقد يكون الحدّ الأقصى القادر على سلوكه، إيلاء حقيبة الداخلية لشخصية محايدة. وبالتالي، فإنّ الاندفاعة الفرنسية تتحضّر لصدمة لبنانية جديدة.

وقد يكون لزاماً على فرنسا التفكير بخطوة اشدّ تأثيراً واسرع زمنياً، وإلّا فإنّ الحائط المسدود سيعاود الظهور قريباً.

واستطراداً، اصبحت وزارة الداخلية مسألة حياة او موت، خصوصاً للتأثير في الانتخابات النيابية المقبلة، بعدما تبين لهذه القوى وجود قرار دولي حازم بوجوب إجراء الانتخابات. وليس سراً، انّ القوى الحزبية خصوصاً على الساحة المسيحية، أجرت استطلاعاتها الخاصة، والتي أظهرت لها نتائج مقلقة.

وللمفارقة، انّ الصراع على حقيبة الداخلية ينحصر بين طرفين مسيحي وسنّي، وهما الاكثر تضرّراً من تبدّل المزاج الشعبي لما بعد 17 تشرين، فيما الدروز اقل قلقاً وكذلك الساحة الشيعية.

المهم أنّ النزاع حول وزارة الداخلية للإمساك بها قد لا يتأخّر بالظهور خصوصاً وانّه بدأ التحضير لذلك
وربما على باريس ابتكار طريقة تدخّل أفعل، لأنّ الحرب الدائرة حول حقيبة الداخلية هي بمثابة حرب حياة او موت اياً تكن كلفتها.

و لا شك انّ الحملات السياسية ستشتد بين «التيار الوطني الحر» ونادي رؤساء الحكومة السابقين، مع اشتداد الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية. وهو ما يعني توسّع رقعة الفوضى، وسعي البعض الى فتح الابواب امام نقاش حول ازمة النظام لا ازمة تشكيل الحكومة. هذا من دون إغفال انّ المسيحيين خسروا العديد من نقاط قوتهم خلال المرحلة الماضية.

فعدا النزف المتزايد باتجاه ترك البلد والهجرة، فإنّ القطاعات التي كانت تشكّل مساحة حضور قوي لهم، تداعت واصبحت في وضع صعب.

وهذا الواقع الخطير له تداعياته المستقبلية الخطيرة على الحضور المسيحي، الذي يعاني اصلاً، والذي تلقّى ضربات سياسية كبيرة في العام 1989 ومن ثم في حقبة الوصاية السورية في لبنان.

 

المصدر: جوني منير – صحيفة الجمهورية

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us