المهمّة «الثالثة ثابتة».. و«من بعدها الطوفان»
ليس صعباً على اي من المراقبين ان يلاحظوا انّ بعض التصرفات والشروط ، أوحت، انّه لم يكن هناك نيّة لدى بعض القيادات الأساسية بتسهيل تشكيل الحكومة منذ استقالة حكومة «مواجهة التحدّيات». وقد ظهر ذلك واضحاً من «التضحية» بالسفير مصطفى اديب، أولى الشخصيات التي كُلّفت المهمة، فتجاوب بسرعة قياسية وعاد سريعاً الى مقر عمله في ألمانيا.
كما جاءت التجربة الثانية مع الرئيس سعد الحريري، لتؤكّد مثل هذا الشعور بطريقة فاضحة لا تحتمل كثيراً من الجدل. فقد احتفل معارضوه قبل ان يُكلّف بلحظة اعتذاره، رغم الكلفة الغالية التي تكبّدتها البلاد على مدى أحد عشر شهراً من المناكفات السياسية.
وقد كانت عملية توليد الحكومة العتيدة ممكنة في أكثر من محطة لو ارادوا ذلك، ولم يكن هناك ما يُناقش في ظلّ الحاجة الى التخفيف من الترددات السلبية التي تركتها محطات مأسوية عدة، احتاجت معالجتها الى حكومة كاملة الاوصاف الدستورية.
وحتى الساعات الأخيرة، وبمعزل عمّا يمكن ان ينتج من اللقاءات المكثفة المقرّرة بين عون وميقاتي، فقد كشف احد الوسطاء، انّ هناك رسالة «غير مسبوقة» وصلت الى جميع المعنيين بملف التأليف ومفادها انّ «الثالثة ثابتة.. ومن بعدها الطوفان». وما على المعنيين بالعملية سوى ان يتفهمّوا حجمها وما يمكن ان تنتهي إليه الأمور إن بقيت المحاولات الجارية قائمة على ما هي عليه من أنماط تطيل عمر الأزمة.
وفي الرسالة كلام واضح وصريح لا يمكن أحد ان يتجاهله، انّ محاولات العرقلة لم تعد مقبولة، وانّ التفاهمات على المخارج ليست صعبة، وليس هناك اي عقدة بلا حلّ. وأنّ موازين القوى باتت على قاب قوسين او أدنى من ان تتغيّر. فليس في يد «من يقود العربة بالمقلوب» ان يستمر في الاعيبه بعد مرور أكثر من عام على الفراغ الحكومي، والتي تناوب على إدارتها ثلاث من الشخصيات التي كُلّفت التأليف.
وتمضي الرسالة لتقول، انّه ولما حان الوقت الذي اعتقد البعض انّ مهمة الرئيس الثالث المكلّف مهمة التأليف ستنتهي الى ما انتهت اليها التجربتان السابقتان، تبدّلت مواقف كثيرة. وخصوصاً انّ هناك من بدأ الاستعدادات لجردة حساب لا بدّ منها، لوضع كثير من الامور في نصابها، فانهيار الدولة الذي ظهر في أكثر من محطة في الأيام الأخيرة الماضية وتزامنه مع انعدام ابسط الخدمات الحياتية ومقومات العيش اليومية، لم تعد مجرد وهم.
المصدر: جورج شاهين – صحيفة الجمهورية