زواج قسري بين عون وميقاتي… بمظلة دولية
يصارع شهر العسل القائم بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي للبقاء على قيد الحياة، وهو أخذ مداه بنحو 12 لقاء بينهما لتشكيل الحكومة. وخلال هذه الفترة، كان الكلام المعسول بينهما حاضراً بقوة، ولم يتكلما، بطريقة مباشرة او غير مباشرة بالسوء عن الآخر.
ولكن بين الفينة والاخرى، كانت الاجواء تتلبّد وآخرها ما حصل بالفترة الأخيرة، حيث ضجّت وسائل الاعلام، بأخبار المصادر التي نشطت بصورة مجنونة، وبدأت صراعها على الساحة الاعلاميّة بشراسة، فحمّلت الآخر مسؤولية الفشل غير المعلن بشكل رسمي، وحضّرت الارضية لترقب قرب اعلان ميقاتي اعتذاره عن التشكيل.
ولكن، مرة جديدة بدا وكأنّ المظلّة الدولية لعبت دورها، فتتدخل لضخ كميات كبيرة من الايجابيّة وتعيد الامور الى ما كانت عليه، وهذا ما ظهر بوضوح عبر بياني رئاسة الجمهورية والمكتب الاعلامي لميقاتي، حيث عاد الغزل بين المسؤولين الاثنين بشكل رسمي، وسرعان ما حصل لقاء غير مبرمج بينهما في قصر بعبدا. وبدا واضحاً انّ الضغط الدولي الذي لم يرقَ بعد الى مرحلة الحسم، تراجع، ولكنه بقي نابض القلب، ما يؤكد مرة جديدة ان المشكلة في لبنان ليست داخلية كما اوحى كثيرون، بل دولية انما بـ”العدة اللبنانية”.
عامل آخر كان له اثره، وهو كلام نصر الله، وخصوصاً موقفه من الباخرة المحمّلة بالنفط المتجهة من ايران الى لبنان، والكلام عن تدخّل خارجي يعيق تشكيل الحكومة، علماً انه كان قال سابقاً ان المشكلة الحكوميّة داخليّة ولا عناصر خارجيّة تعمل لافشال نجاحها. واللافت اكثر في هذا المجال، الكلام الصادر عن السفيرة الاميركية في لبنان، التي وإن ردّت على نصر الله، التزمت الابتعاد عن التهديد والوعيد، وقامت بردّ سياسي ودبلوماسي مزلزل، عبر الاعلان عن محاولات استجرار الطاقة الى لبنان عبر دول عربيّة.
ومن المستغرب ايضاً تصعيد الحريري سقف كلامه، وهو الذي تفادى على مدى اكثر من تسعة اشهر ونيّف، الاشتباك المباشر مع حزب الله، فيما اصبح اليوم اكثر سهولة في اتهامه بوضع البلد في يد ايران، وتشديده على عدم القبول بذلك، بعد ان كان يصوّب كل ترسانته في اتجاه قصر بعبدا وساكنه وصهره، في قراءة اعتبرها كثيرون انها احدى الاسلحة المعتمدة في الانتخابات النيابية التي يتم التحضير لها.
تشاؤم وتفاؤل، وعلاقة تتأرجح بين “الغرام والانتقام” بين عون وميقاتي، مع العلم انهما حالياً يبدوان الاكثر انسجاماً، لانّ بديل ميقاتي (في حال اعتذاره) لن يكون على هذا القدر من التواصل والتعاون مع عون، وهذا يعني انّ الزواج القسري بينهما لم يُحكم بعد بالطلاق، وان الصراع للحفاظ عليه يحمل مصلحة دولية ومحلية اكبر.
المصدر: طوني خوري – النشرة