لبنان يتحلل على الطريقة السورية.. الصراعات بين الطوائف وداخلها

الأفق مغلق وقاتم في لبنان. والتحلل تظهر ملامحه أكثر فأكثر ليس بتشكيل حكومة، فالصراع عليها ومن حولها، وما يرتبط بها من منازعات على النفوذ والسيطرة، تشمل الأمور السياسية، والأمنية، والعسكرية، والمالية، والقضائية، وهي رهن التوسع. ويؤدي هذا كله إلى المزيد من استنفار العصبيات الطائفية في المجتمع. وهو قابل للتحول إلى انفجارات، تنطلق من أتفه الأسباب مثل: صراع على محطة محروقات بين شخصين من بيئتين مختلفتين. وهذا كاد يحصل في مغدوشة قبل أيام. وقد يحصل في صيدا أو بيروت. ويدخل لبنان في دوامة الأخطار الكبرى: عبر فرز جغرافي ومناطقي على أسس طائفية ومذهبية، وفي داخل الطوائف. والأمور قابلة للتفجر في أي لحظة. منذ ثورة 17 تشرين التي تزامنت مع الثورة العراقية، ثمة من أراد في لبنان الالتحاق بالركب العراقي، على قاعدة إنتاج تسوية سياسية تستعيد ربط العلاقات بالغرب وبالدول العربية. وهذا ما نجح فيه العراقيون. لكن تعثر لبنان في مساره. وغرق أكثر في متاهات يوميات الانهيارات المتتالية. لقد اختار المركب السوري، بدل العراقي. دفع مديداً تكاليف الأزمة السورية التي سعى منذ سنوات إلى تجنّبها. وحان وقت دفع الضريبة الأقسى: تهميشه مع سوريا عن القمة العراقية. ويتوسع التحلل اللبناني أكثر فأكثر. فالمشاكل العميقة تظهر بقوة في المرحلة المقبلة: شلل تام في المؤسسات والقطاعات. لكن المخاوف تتجلى في عدم اقتصار التحلل على مؤسسات الحكومية. فهو يتفشى أكثر في المجتمع، فتتنامى ظواهر الأمن الذاتي أو الإدارات المدنية. وعلى وقع التظاهرات في العراق بدا أن الثورة هناك على النظام الشيعي، أو أن هناك صراعاً شيعياً – شيعياً. ولا يخلو الأمر في لبنان من جهات كثيرة تحاول إبراز مثل هذا النوع من الصراعات. صحيح أن البيئة الشيعية لا تزال عصية على مثل هذه الاختراقات في ظل التنسيق الدائم والكامل بين حزب الله وحركة أمل. ولكن حزب الله لا ينفي وجود مثل هذه “المخططات”. والساحة المسيحية بدورها مهيأة أيضاً لمثل هذا النوع من الصراع، في ظل الاشتباكات الكلامية والسياسية بين أطرافها المتنوعة. أما في البيئة السنية، والتي تبدو أكثر البيئات المتأثرة بوقائع الانهيار من بيروت إلى الجنوب والبقاع والشمال، فيتخذ الصراع أشكالاً متعددة، كما حصل بين فنيدق وعكار العتيقة. أو كما قد يحصل في طرابلس وغيرها من المناطق.

المصدر: منير الربيع – المدن

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us