في سنويتها الأولى: مبادرة ماكرون في ذمة الله؟

ضاع عام كامل من حياة اللبنانيين عقب الاعلان عن مبادرة ماكرون التي أطلقها من بيروت في 2 أيلول من العام الماضي.

وكان التوصيف الجامع للمبادرة، انّها شكّلت خريطة طريق الى أقصر وسائل مواجهة مجموعة الأزمات، وفق برنامج اولويات يحاكي الحاجة الى تفكيكها واحدة بعد اخرى

فكانت المفاجأة أن اعلن قادة الأحزاب امام الرئيس الفرنسي التزامهم بما قالت به، فمنحوا أنفسهم مهلة أسبوعين لتشكيل حكومة جديدة وصفت بـ «حكومة مهمّة»، بعدما اختير لتشكيلها سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب.

والجميع يتذكر انّ المبادرة قالت انّ على الحكومة ان تكون فريق عمل متجانساً وحيادياً، يجمع اختصاصيين ومستقلين بعيدين كل البعد من الأحزاب. على ان تتفرّغ الحكومة فور تشكيلها الى إطلاق برنامج اصلاحات.

كما تضمنت المبادرة تعهداً ووعداً رئاسياً فرنسياً ببرنامج متكامل واضح الخطى وطويل الأمد، يوفّر ما تحتاجه هذه الحكومة ومواصفاتها الخاصة بالذات، من دعم عن طريق مجموعة من المبادرات الاوروبية والدولية.

على هذه الخلفيات، توالت المواقف التي اشادت بـ»المبادرة الماكرونية» وما قالت به، الى حدّ اعتبارها بعناوينها البيان الوزاري للحكومة العتيدة.

وبدأ بعض القوى يعمل في الخفاء وقبل ان يجف حبرها، على التراجع عن التزاماته.

وعلى وقع الخلاف على تفسير وصفها بـ «حكومة المهمّة»، استنجد البعض بالقواميس التي تفرغ كلمة «مهمّة» من مضمونها، قبل ان يبدأ التهشيم بصفات الاختصاصيين والتوسع في البحث عن مواصفاتهم المفقودة.

وقبل ان ينتهي «النقاش البيزنطي» الى نتائج عملية، اعلن الثنائي الشيعي تمسّكه بوزارة المال، والتيار البرتقالي بوزارة الطاقة. وتوسّع الجدل حول ما إن كانت المبادرة قالت بـ «المداورة» بين الحقائب. فسقطت تجربة اديب بالضربة القاضية بعد 26 يوماً على تكليفه. وانتهت الى تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة

فسقط كل ما قيل عن مواصفات الرئيس الحيادي والحكومة المستقلة الخالية من الحزبيين. وكرّت السبحة التي تطعن المبادرة الفرنسية في جوهرها.كذلك سقطت محطات مهمّة من خريطة الطريق الفرنسية. فلم يتحدث أحد عن الإصلاحات ولا المفاوضات مع مالكي سندات اليوروبوندز ولا صندوق النقد الدولي.

وهكذا عبرت اشهر السنة على مهمّة تكليف الحريري الى أن سقطت نتيجة المناكفات السياسية. وجاء تكليف الرئيس نجيب ميقاتي من دون ان يشكّل محطة امل حتى هذه اللحظة بإمكان إحياء ما تبقّى من المبادرةالفرنسية .

وبناءً على كل ما تقدّم لا بدّ من الإشارة الى انّ ما تبقّى من المبادرة الفرنسية لم يعد يُقاس بأي معايير قالت بها المبادرة بعد «لبننتها»، وتحول همّ الفرنسيين الى تشكيل اي حكومة بأي من المواصفات الممكنة، وبات رهانهم على مبادرات داخلية، في انتظار اي حدث ما، يُعلن فيه عن وفاة المبادرة التي دخلت مرحلة «الموت السريري».

المصدر: جورج شاهين – صحيفة الجمهورية

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us