“كليلة ودمنة” في الحكومة اللبنانية!

لكل مرحلة سياسية لحظاتها التلفزيونية، فمن ينسى مثلاً “قرد” و”أفعى” النائب وليد جنبلاط، يوم اعتلى منبر 14 آذار، مهاجماً رئيس النظام السوري بشار الأسد. ومن ينسى النائب كلام عقاب صقر، يوم هاجم الرئيس عون قائلاً له: “لو صحت الاسطورة وبالكذب تطول الانوف، لكنت في الرابية تصلي وأنفك في الضاحية يطوف”. هي لحظات تلفزيونية كثيرة علقت في ذاكرة اللبنانيين، من بينها ناضور رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وعبارة النائب علي عمار “طهر نيعك قبل ما تحكي” . وإلى اليوم لا يزال اللبناني يتذكر لحظة خلع الرئيس سعد الحريري “الجاكيت” وسط تشجيع مناصريه، كما لا يزال يردد كلمة النائب نهاد المشنوق “مش عارف حالك مع مين عم تحكي”. هذه اللقطات، لا تعدّ ولا تحصى، فأهل السياسة في لبنان يبرعون في سرقة الأضواء. والسياسة مسرح، وهم بارعون في أدائهم التمثيلي، ونحن نبرع في التصفيق، حتى وصلنا إلى الحضيض. وكان وما زال لدينا “سيد الحارة”، الذي يضيع بين الدين والسياسة، فيخوض بنا حرباً ثم يعود ويقول لنا “لو كنت أعلم”، وفي عزّ أزمتنا الاقتصادية يدعونا للتحلّي “بالصبر والبصيرة”، أما الحلّ الذي يخرج من إصبعه السحري فهو “الزراعة على البلكون”. ببساطة، السياسة اللبنانية، حفلت بالكثير.. بالمحنكين، والمهرجين. بأهل السلطة وأهل البلطجة. فالطبق الحكومي في هذا الوطن دسم، ويقدّم لهواة النوع، أيّ للشعب “الغاشي والماشي”! غير أنّ الحكومة الجديدة أبدعت وتفوقت عن سابقاتها، فقدمت العديد من الشخصيات الجديدة. بداية لدينا شخصية “الكركوز، ومنعاً لأي تأويل، فإنّ الكركوز أو “قره كوز”، كان هو وصديقه “عيواظ” نموذجان للكوميديا والتسلية، وهما أشهر من نار على علم في التراث الشعبي. أما “كركوز” حكومتنا الفتية، فهو وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار. وطبعاً هذا ليس انتقاصاً من شأنه. ولكن توصيفاً دقيقاً لتصريحاته عن الحفاضات والشيء القاسي الذي على اللبنانيين الاعتياد عليه، والذي هو وفق الحجار نوع سرّي من الطعام. أما الشخصية الثانية، التي قدمتها الحكومة، فهي الحكواتي، ولأن الشعب اللبناني محظوظ بالفطرة، كان لدينا إثنين، ولو أنّ ابن المقفع حيّاً، لاستعان بالوزيرين أمين سلام ومصطفى بيرم كشخصيتين أساسيتين في كتاب كليلة ودمنة. والحكواتي لمن لا يعرف هو أيضاً من التراث الشعبي اللبناني وليس غريباً عن بيئة أجدادنا، فهنيئاً لنا بحكومة تعيد لنا التراث، تراث بلد عالق بين الضفدع والعصفور والسماء الملبدة الغيوم. وليس غريباً أبداً أن نعود مع الطواقم السياسية المتعاقبة إلى تراث أجدادنا، ونحن أساساً بتنا نعيش أياماً لم تمرّ حتى على رؤوس أجدادنا، فالسياسة اللبنانية منذ الـ2005 وحتى اليوم وهي في حالة انحدار، وتردّي، وكل المواقف الشعبوية الساخرة إن كان تدل على شيء، فهو أنّ أهل السلطة يعبثون في ساحة الـ”لا دولة”، فيأكلون من لحومنا ويسخرون من أوجاعنا، ويرمون لنا على طاولة الحكومات الفارغة الفاتورة كي ندفعها لهم ثمن جريمتهم بحقنا؟!

المصدر: نسرين مرعب – هنا لبنان

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us