ليال سعد وأدوات القصر
قبل أن يُنتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في أكبر عملية “ابتزاز” ديمقراطي بتاريخ لبنان، كان ميّالاً بطبعه الناري إلى الصحافي المستمع في ندوات الرابية لا إلى الصحافي المزعج بأسئلته. وكل من ليس على “طبطاب” الجنرال مزعج. كم من مرة خرج عون عن طوره في مقابلة تلفزيونية؟ وكم من مرة طلب استبدال هذا المراسل بذاك؟ وكم من مرة حظر دخول مراسلي محطة تلفزيونية إلى “بعبدا” و”الرابية” لأنهم تمادوا في حرية التعبير؟ لم تقترف الزميلة ليال سعد أي جنحة بحق الرئيس عندما سألت أحد زملائها ”عون بدو يحكي؟” عون “حاف” من دون الصّفة التفخيمية! وقع السّؤال على مسمع أحد ضباط لواء الحرس الجمهوري كالصّاعقة. إستشاط غضباً فأسمعها كلمات ليست كالكلمات وطردها فوراً. إذا كان البروتوكول يفرض على الإعلامي زيّا محتشماً ومرتباً للسماح له بدخول القصر الجمهوري، فالصحافي ليس ملزماً بوضع قفازات ولا بتطهير فمه عندما يأتي على سيرة السيد الرئيس. وبالمناسبة ما علاقة ضابط بشؤون الإعلاميين المنتدبين لتغطية أنشطة الرئاسة؟ وأي كلام نابٍ صدر عن ليال سعد بحق رئيس الجمهورية “خلال حوار بينها وبين الإعلاميين في القصر” على ما جاء في بيان مكتب الإعلام الرئاسي؟ وهل شكّل وجودها في بعبدا خطراً على الأمن القومي كي يطالب الرئيس، عبر مكتبه الإعلام باستبدالها؟ لو كان السيد الرئيس في دارته في الرابية يجوز له طرد أي مراسل وحظر دخول أي محطة إلى عرينه، لكن الجنرال يمضي ولايته في “قصر الشعب”، وليس في قصره الخاص. فهل كان يقصد بالشعب في لحظة تجلّ وطنية، مريديه حصراً؟ ولو سألت سعد في مجلس النواب زميلا “رح يحكي بري؟” من دون “دولة الرئيس” وسمعها ضابط يحب “الإستيذ” أكانت لتُعامل بالفظاظة نفسها؟! وحتى إن حصلت الواقعة نفسها، فالموقف من الزميلة سعد هو إياه. لو يجمع موظفو الإعلام الرئاسيون، عيّنات مما يكتبه الصحافيون من غير المتعبّدين للجنرال ورسله، عن السيد الرئيس إلى التعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي، وينقلونها بأمانة إلى الرئيس المنشغل بآخر حروبه الإصلاحية، لقدّموا للسيد الرئيس خدمةً جلّى بدلاً من الإنقضاض على صحافية ذكرت اسم الرئيس من دون الـ “فخامة”. لكن غاب عن بال الضابط ـ الحارس، أن بيانات الرئاسة تستعمل تعبير السيد الرئيس وهو يجهل بالطبع أن مرسوم إلغاء الألقاب أقرّ في عهد الرئيس الياس الهراوي. كما غاب عن مكتب الإعلام الرئاسي أن الإعلامي ليس هرّا قابلاً للتدجين، وهو يعبر بأسلوبه عن نفسه وناسه وقناعاته وحريته سواء عمل في أي وسيلة إعلامية. ذات يوم سُئل الرئيس الكوبي فيدال كاسترو عن الفرق بين الديمقراطية في بلاده والديمقراطية لدى جارته اللدودة الولايات المتحدة الأميركية فأجاب: ” الفرق أنني لست مضطراً للإجابة عن أسئلة هيلين توماس”. تُرى أقرأ جماعة القصر شيئاً من سيرة كبيرة مراسلي البيت الأبيض هيلين توماس؟ أيعرفون ماذا كتبت وقالت عن الرئيس “جورج دبليو بوش” وغيره من الرؤساء؟ كم كانت وقحة ولامعة! تُرى أي نموذج ديمقراطي يرنو إليه السيد الرئيس؟
المصدر: عمر موراني – هنا لبنان