“الحزب” بات ضعيفاً لبنانياً.. هل تتدخّل أميركا؟!
حدّد أمين عام حزب الله، في خطابه الأخير، الخطوط العريضة لاستقدام المحروقات الإيرانية وتوزيعها على الفئات المستهدفة من قبل شركة الأمانة الخاضعة للعقوبات الأميركية.
وسيطرة الحزب على لبنان ليست جديدة، إذ يستغل الطبقة السياسية وفقاً لمصالحه. غير أنّ اللافت في هذه المرحلة، هو تراجع قبضة الحزب الحديدية على السياسة والاقتصاد في لبنان، ما يتيح للإدارة الأميركية الجديدة فرصة تغيير النهج الذي أثبت فشله في التعاطي مع الملف اللبناني.
وحالياً، لم يعد الحزب يتمتع بالدعم الذي كان يحظى به من بيئته، والتي باتت تهتم بالشؤون المعيشية أكثر من مقاومة الحزب، ما يمنح إدارة بايدن فرصة للاستفادة من ضعف الحزب وتعزيز البديل السياسي، من خلال التخلي عن دعم القوى التقليدية الفاشلة، والاستثمار عوضاً عن ذلك بالناشطين والشباب الذين اعتراهم الإحباط من الواقع ومن الحزب.
وتستطيع أميركا في هذه المرحلة، دعم جيل جديد من الشيعة، يطمح للتغيير.
وكان الحزب منذ نشأته قد صوّر نفسه على أنّه البيئة الحامية لمناصريه، واستند إلى الدعم الشعبي الذي حصل عليه من خلال 3 ركائز: تقديم الخدمات الاجتماعية، المقاومة وصياغة هوية شيعية مشتركة.
أما اليوم، فلقد تقلصت شبكة الخدمات الاجتماعية، بسبب المشاكل التي نتجت جزئياً عن العقوبات الأميركية، فيما فقدت فكرة المقاومة زخمها منذ تدخل حزب الله في الحرب السورية، ولم تعد الهوية الشيعية تجمع العديد من اللبنانيين، إذ بدأت البيئة الشيعية تشعر بنوع من العزلة.
وفي 17 تشرين الأوّل 2019، نزل الكثير من اللبنانيين إلى الشارع احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية، ومنذ هذه الثورة وبدائل حزب الله السياسية أصبحت أكثر حضوراً، فبدأت مجموعات عديدة بالتعبير علنياً عن معارضتها للحزب.
وتمحورت اهتمامات هذه المجموعات حول قضايا اقتصادية واجتماعية، في وقت ينهار فيه الاقتصاد الموازي لحزب الله، فالعقوبات الأميركية على إيران أدّت إلى الحد من تدفق الأموال إليه.
وأزمة الحزب تفاقمت حتى مع شركائه التقليديين، كحركة أمل، والتيار الوطني الحر. وقد أظهر آخر إحصاء أنّ الحزب يحظى بتأييد 15% فقط من المسيحيين اللبنانيين.
وضمن الحزب نفسه، وسّعت الأزمة الفجوة بين العناصر العسكرية وغير العسكرية، فالفئة الأولى تتقاضى رواتبها بالدولار فيما الثانية تتقاضى الرواتب بالليرة اللبنانية التي فقدت 90% من قيمتها.
في ضوء كلّ هذا، تعمل مجموعات المجتمع المدني على كسر هذه الهيمنة. ويشكل الشيعة أكثر من 30% من اللبنانيين، ومن المرجح أن تدعم المجموعات اللبنانية الأخرى كالسنّة والدروز وبعض المسيحيين، بديلاً شيعياً قوياً لحزب الله، إذ يجمع بين هؤلاء الإحباط من حالة الشلل التي دخل إليها لبنان.
وقد يشكّل هذا الحماس، مساراً سياسياً مختلفاً، للبنان وفرصة لأميركا والمجتمع الدولي كي يغيّرا السياسة المتبعة، عوضاً عن الاستمرار في العمل مع مؤسسات الدولة اللبنانية الضعيفة والفاسدة والتي يسيطر عليها الحزب.
أما الهدف النهائي فهو إنشاء مجتمع مدني أكثر تنظيماً، يتمتع بعلاقات قوية مع أميركا وأوروبا والمنظمات الدولية، حيث يتم التركيز على خلق الفرص الاقتصادية وتمكين الأصوات السياسية الجديدة، وتقديم بديل حقيقي للشيعة المحبطين.
في الخلاصة، أدرك كل من حزب الله وإيران شيئًا لم تفهمه الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا، ألا وهو القوة الناعمة. فبينما ساعد الغرب لبنان بالطريقة التقليدية، كانت إيران في المقابل تموّل الاستثمارات الشيعية. وأنشأ حزب الله، بدعم إيراني، دولة بديلة واقتصادًا موازيًا.
واليوم ومع تراجع حضور الحزب، يمكن للولايات المتحدة الأميركية استخدام نهج “القوة الناعمة”، والاستثمار في مجموعات المجتمع المدني التي تظهر بالفعل كبديل لحزب الله.
المصدر: حنين غدّار – مجلة بوليتيكو الأميركية