الأكثرية القاصمة… لئلا تأتي!

لا يكفي الحكومة تبرير أي تباطؤ في حسم مسائل جوهرية على طريق اجراء انتخابات نيابية ينظر اليها الداخل والخارج على انها الحد الفاصل بين عصر الانهيار وبداية عصر الإنقاذ الحقيقي بانها بالكاد أقلعت منذ أسبوعين، لأن أي شبهات في هذا الاستحقاق وحدها كافية للاجهاز بسرعة خاطفة على أي صدقية للحكومة. ذلك ان الواقع السياسي عشية هذه الانتخابات ينذر بالكثير من الريبة ويستدعي دق نفير الاستنفارات السيادية الحرة حيال ما يمكن أن يشكل الضربة القاصمة للنظام الدستوري اللبناني، فكيف إذا جنحت الحكومة بالتحضيرات الأساسية من الان نحو ما يمكن ان يذكي هذه المخاوف. نعلم تماما ان عين العالم ستكون مسلطة على السلطة نحو اجراء الانتخابات ضمن الحد الأقصى من المعايير التي من شأنها قلب الصورة الأشد قتامة عن لبنان لجهة كونه البلد الأكثر ابتلاء بالطبقة الأشد فسادا في تاريخه. هذا عامل بالغ الأهمية ولو اننا لم نعد نمني النفس بالاتكال على الاحتكام للمواقف الدولية بعد الاختلالات الهائلة التي ترك لبنان يرزح تحتها وتكاد تبدل حتى هويته وليس فقط واقعه السياسي. ومع ذلك فان الجاري حاليا في التلاعب بمسائل مثل اقتراع المغتربين والكوتا الاغترابية من المقاعد النيابية وحتى موعد الانتخابات غير المحدد رسميا وسواها مما سيأتي تباعا، لا يوحي بأمان كاف مبكّر لترجمة تعهدات الحكومة ووزارة الداخلية. لا يخفى على أحد ان الانتخابات المقبلة ستكون مسألة حياة او موت ليس للكثير من الأحزاب فحسب، بل الأهم بالنسبة إلى مصير النظام السياسي الدستوري كما مصير الاقتصاد ومستقبل البلد لسنوات بعيدة خطيرة. فان “وقعت ” أكثرية جديدة في يد الأكثرية الحالية مجددا، من دون كسرها هذه المرة، ستكون الضربة شديدة الخطورة لجهة انعدام الفرص تقريبا في “العصر الاتي” لاي احياء لبقايا النظام الذي يقف في وجه اتجاهات المحور الإقليمي الذي سيسيطر على لبنان من خلال “حزب الله” وقوى التحالف مع إيران والنظام السوري عموما. لذا، فاننا نتوجس مبكرا جدا من الهيمنة التي بدأت تتسلط على الحكومة من قوى معروفة لالغاء حق المغتربين في الاقتراع او للتحكم بمواعيد الانتخابات او لفرض إجراءات لوجستية محددة في اتجاهات لا تخدم الا فئة سياسية وطائفية بعينها تحت جناح التوازن فيما هذه الفئة أقامت انقلابا جذريا وكرسته في مختلف انحاء الدولة والسلطة داخلا وخارجا وتريد الان تهريب اقتراع المغتربين لان “حزب الله” محاصر بالعقوبات. يقود كل ذلك إلى دق نفير الاسترابة من مجريات يراد لها اضعاف القوى المناهضة للنفوذ الإقليمي المهيمن راهنا على لبنان واجراء انتخابات اشبه ما تكون بتلك التي كان يهيمن عليها الوصي السوري فيأتي بأكثريته المزورة. كما يراد للفئة الوافدة إلى البرلمان عبر الهيئات والجماعات المنبثقة عن الانتفاضة ان تضرب في مهدها لان أي حجم تمثيلي معقول لهذه الفئة يقضي على حلم الأكثرية الحالية في الهيمنة التامة.

المصدر: نبيل بومنصف – صحيفة النهار

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us