الأميركيون لميقاتي: معك 100 يوم!

يلتزم الأميركيون جانب الصمت، هذه الأيام، في ما يتعلق بالملف اللبناني. وهذا ما يفتح الباب للتحليلات. ولكن، خلف جدار الصمت، توحي لغة الإشارات والرسائل التي يوجّهونها، عبر الأقنية الديبلوماسية، بأنّ هناك الكثير من الكلام قد قالوه في الكواليس، وسيقولونه في الوقت المناسب. تستغرب الأوساط الديبلوماسية المواكبة للموقف الأميركي، استنتاج البعض أنّ إدارة بايدن «استقالت» من الشرق الأوسط، وتركت لبنان وسواه للنفوذ الإيراني. وفي تقديرها أنّ هذا الانطباع متسرِّع. فإدارة بايدن ليست أقل تمسكاً بحضور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من إدارة ترامب، وهي لن تتخلّى لإيران عن لبنان أو أي دولة في المنطقة. وعلى الأرجح، الأميركيون يقومون اليوم برمي كمية هائلة من القنابل الدخانية في فضاء الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى حجب الرؤية ويصعّب مهمَّة الخصم في المواجهة. لكن الصورة واضحة بالنسبة إليهم: لا سيطرة إيرانية على الشرق الأوسط وحدود إسرائيل الشمالية وشاطئ المتوسط. وفي المقابل، لا مجال لمقاتلة إيران وتكبُّد الخسائر من أجل أي كان. لقد قرَّرت واشنطن تغيير أسلوبها. هي تريد وضع حدّ للأثمان التي تدفعها، والتفرُّغ لمواجهات دولية أوسع. وفي هذا السياق، ستواصل واشنطن دعم الحكومة اللبنانية بحيث تتمكن من الحفاظ على استقرار البلد. لكنها تعتبر أنّ الخروج من الأزمة يجب أن يتمّ بأيدي اللبنانيين أنفسهم. وهي إذ قدَّمت الدعم للشعب اللبناني وقوى التغيير على مدى السنوات الأخيرة، ستواصل المهمَّة، لكن على هذه القوى نفسها أن تخوض المعركة لتحقيق التغيير. ومن هذا المنظار، أبلغ الأميركيون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنّ موقفهم الحقيقي من الحكومة لا يتعلق بالأشخاص، ولا بتركيبة الحكومة نفسها، بل هو مرتبط بما ستقوم به فعلاً من خطوات إصلاحية. وفي الترجمة، إنّ التعاطي مع حكومة ميقاتي سيكون شبيهاً بالتعاطي مع حكومة حسّان دياب التي أُعطيت مهلة 100 يوم لإثبات صدقيتها في الوفاء بالالتزامات، لكنها فشلت. والأميركيون يمنحون اليوم حكومة ميقاتي مهلة مماثلة. ولذلك، هم يلتزمون جانب التحفظ والحذر في إطلاق المواقف، وينتظرون التصرفات على الأرض ليبنوا على الشيء مقتضاه. ولكن، هل تتوقع واشنطن أن تلتزم الحكومة الميقاتية فعلاً بالتعهدات التي قطعتها على نفسها، والتي تشبه التعهدات التي سبق أن قطعتها حكومة دياب؟

المصدر: طوني عيسى – صحيفة الجمهورية

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us