التسوية السياسية.. أو الإطاحة بالحكومة والانتخابات النيابية والرئاسية

يحتكم لبنان إلى توازنات سياسية لا قدرة لأي طرف على تجاوزها. وضرب التوازنات ثمنه الأول الدم واهتزاز الاستقرار. لذلك، تنصرف القوى السياسية إلى البحث عن ثمن سياسي قابل للاستثمار، بدلاً في الدخول في دوامة التصعيد. وأكثر ما يساعد في الوصول سريعاً إلى تلك القناعة، هو المسار الطويل منذ العام 2005 حتى اليوم. وقد شهدت السنوات هذه حوادث كثيرة، أهمها الاغتيالات والتفجيرات والهجمات العسكرية والأمنية، التي لم تلغ الأطراف التي تلقت ذلك كله. بل هي انتهت إلى تسويات سياسية خرج منها غالب ومغلوب. ونجح حزب الله وحلفاؤه في المراكمة على هذه التجارب لتحقيق نتائج سياسية، فيما كان الطرف الآخر الذي يمتلك الأكثرية النيابية حتى ما قبل الانتخابات الأخيرة، غير قادر على الاستثمار في أكثريته. اليوم أصبح حزب لله هو صاحب الأكثرية. ولديه طموح واضح، هو الحفاظ على مكتسباته السياسية التي حققها انطلاقاً من وجود حليفه في رئاسة الجمهورية، وقدرته على تشكيل حكومات تتلاءم مع مصلحته. لذا، صار الحزب إياه، القادر في أي وقت على ضرب الاستقرار، غير ذي مصلحة في ذلك. وقبل انفجار قضية التحقيق في انفجار المرفأ وحادثة الطيونة الدامية، كان حزب الله كلما شارف لبنان على الدخول في فوضى إجتماعية، يلجأ إلى البحث عن صيغ ترقيعية هدفها ضبط ما تبقى من استقرار. وهذا ما ينسحب على ما بعد حادثة الطيونة أيضاً. فلبنان اليوم أمام خيارين: إيجاد صيغة تسوية سياسية على غرار تسويات سابقة، تقطع الطريق على مزيد من التوتر والاشتباك، وتبقي اللعبة السياسية في سياقاتها وقواعدها. وإما استمرار التصعيد والتوتير، وصولاً إلى الإطاحة بالحكومة، وبسواها من الاستحقاقات، وفي طليعتها الانتخابات النيابية، والرئاسية تالياً. وفي هذه الحال يتسيّد الفراغ، في انتظار لحظة تسوية كبرى يعاد معها طرح الصيغة اللبنانية كلها على طاولة البحث. وعلى الرغم من التصعيد الكبير الذي يقوده حزب الله ضد القوات اللبنانية، تفيد المعطيات أن هناك قناعة بأن الحلّ للمشكلة سياسي. ومفتاحه إيجاد صيغة لعمل المحقق العدلي طارق البيطار في حال عدم القدرة على تنحيته. أما في حال عدم التوافق على إيجاد الحلّ، فيعني أن مقومات التفجير باقية، إضافة إلى الاستمرار في عملية الاستثمار السياسي في حادثة الطيونة، رغم مخاطر ذلك. وفي حال استمر التصعيد، لن يكون في مصلحة حزب الله. لأن زيادة الضغط على القوات يؤدي إلى تعزيز وضعيتها مسيحياً، وإحراج التيار العوني. والتصعيد يعني أيضاً أن حزب الله يقدم صورة عن نفسه بأنه على اشتباك مع كل المكونات، خصوصاً بعد أحداث شويا مع الدروز، وخلدة مع السنّة. وهو يتوجس من احتمالات وجود مخططات لتوريطه في صراع أهلي أوسع. ووسط هذه القراءة يستمر العمل والبحث عن صيغة تسوية.

المصدر: منير الربيع – المدن

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us