حكومة متعثرة لم تقلع بعد…
لم يكد يمرّ بضعة أسابيع على انطلاق عمل الحكومة حتى صارت تترنّح من جرّاء تشابك الأزمات التي تواجهها. فبين الأزمة الاقتصادية والمالية الهائلة، وأحداث الطيّونة المؤسفة وما أعقبها من توتّر سياسي كبير في البلاد، يجد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه محاصراً بواقع صعب يهدّد آفاق الحكومة برمّتها. صحيح أنّ الحكومة فتيّة، ولكنّ عصف الأزمات، ولا سيّما حادثة الطيّونة ضربها بقوّة، وهزّ بنيانها. فمجلس الوزراء معلق بين القاضي طارق البيطار، والثنائي الشيعي الذي يشترط إقصاء الأول للعودة إلى الحكومة، فيما يبدو رئيسها غير قادر على اختراق جدار التعطيل الذي لا يمكن لأيّ حكومة في بلد يعاني ممّا يعاني منه لبنان، أن تتقدّم خطوة واحدة في اتّجاه البحث عن حلول تخفّف، من حدّة الارتطام. حتى الفرنسيون الذين أسهموا في توليد الحكومة الحالية بالتفاهم مع الإيرانيين و”حزب الله”، يرون أنّ ثمّة تباطؤاً في العمل الحكومي، ولا سيّما لجهة الإقلاع في مسار إصلاح حقيقي. وقطاع الكهرباء هو القطاع الأهم في هذا المجال. ولعل باريس، ترى أنّ على ميقاتي أن يمسك بملفّ الكهرباء بصلابة، وأن لا يتركه بين يدي الوزير السابق جبران باسيل. فملفّ الكهرباء أساسي كمنطلق للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهو سيكشف مدى جدّية الحكومة في معالجة خلل يتسبّب بنسبة كبيرة من الدين العام للدولة. في المقابل، يمشي ميقاتي بحذر بين الألغام المنشورة على طريق الحكومة، وآخرها قضيّة الطيّونة التي تفاعلت لتتحوّل إلى أزمة سياسية كبيرة، ويمكن أن تزداد تعقيدًا إذا ما أوغل “حزب الله” في رفع منسوب التوتّر مع حزب “القوات اللبنانية”. كلّ هذا التشنّج في البلاد، معطوفاً على كارثة الأزمة المعيشية التي يواجهها اللبنانيون، يمكن أن ينعكس على مسار تنظيم الانتخابات التي يعتبر الرئيس ميقاتي، ومن خلفه الرأي العام اللبناني، ورأي العواصم الدولية المعنيّة، أنّها يجب أن تحصل – مهما كلف الأمر – في مناخ من الحرّية والشفافية القصوى، لئلّا تضاف إلى أزمات لبنان، أزمة مشروعية التمثيل السياسي في المؤسّسات. ولكن في انتظار الإصلاح، والإنقاذ، والانتخابات، يجب فكفكة الألغام المزروعة على طريق الحكومة المتعثرة، التي ظهرت هشاشتها خلال أزمة حادثة الطيّونة، وقد قزّمها، كما قزّم الجيش اللبناني حامل السلاح الشرعي في البلاد، كلام الأمين العام لـ”حزب الله” خلال إطلالته الأخيرة على شاشات التلفزة. نأمل أن تتغلب حكومة ميقاتي على العثرات، لكن ثمّة من يعتقد أنّ العثرة الأساسية تعشّش في أحشائها.
المصدر: علي حمادة – صحيفة النهار