لبنان كبش المحرقة
ليس في وسع عود ثقاب صغير ان يحرق المنزل، إذا كان للمنزل رب ومسؤول يسهر عليه، وليس في وسع عود ثقاب إستعراضي ان يشعل حريقاً في الخليج، لو لم يكن هناك من سارع الى حمله ليجعل منه مشعلاً يحرق ما تبقى من الغابة اللبنانية السائبة.
وليس في وسع تصريح عائم يقلب الوقائع والحقائق، ان يرفع صورة صاحبه فوق ركام اليمن السعيد، لو لم يكن هناك من يريد ان يمضي في التأجيج وسلخ لبنان عن هويته العربية ويثبّته بحزام الدول الأربع المدمَّرة والفقيرة التي يردد النظام الإيراني منذ زمن أنه بات يديرها، فلا يردّ مسؤول في بيروت ولا يرفّ له جفن.
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إختصر قصة انفجار علاقات لبنان مع الدول الخليجية، بأن الرياض لم تعد ترى أي جدوى من التعامل مع لبنان في ظل هيمنة وكلاء ايران، وفي الواقع ان الموضوع ليس موضوع تصريح وزير لبناني، فهو تصريح عائم، قياساً بالواقع وتاريخ الصراع وبالإنقلاب الإيراني الحوثي على الشرعية في اليمن، بل هو كما قال بن فرحان: “ليس نتيجة ازمة خليجية مع لبنان، بل ازمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء ايران”، مؤكداً ان لبنان في حاجة الى اصلاح شامل يعيد اليه سيادته وقوته ومكانته في العالم العربي.
ولكن من اين يأتي الإصلاح في دولة لم يبق مكان فيها للمصلحين، ووصلت قبل خمسة أعوام الى التخبط في فراغ رئاسي لعامين ونصف عام، ثم في مسلسل من الفراغات الحكومية، لأن من الواضح والمعروف ان إيران التي تخوض حرب اليمن بالحوثيين هي التي تمضي في تجويف الدولة اللبنانية والسيطرة عليها.
وقد انتهت الدولة اللبنانية، وصرنا في زمن دولة “حزب الله”، التي تملي القرارات التي تتناسب مع مصالحها ومصالح إيرن.
غداة احداث الطيونة، دعا وزير الخارجية السعودي الى تغيير حقيقي وجاد في لبنان، وان المسؤولية تقع على عاتق القادة اللبنانيين لانتشال بلدهم من الورطة التي يعيشها، ولكن اين هم هؤلاء القادة امام انهيار علاقات لبنان بالدول العربية؟
عون في بعبدا يتفرج وميقاتي في غلاسكو مهتم بالبيئة، ويعتبر ان تصريح وزير الاعلام رأي شخصي، فيما يعتبره “حزب الله” بطولة رافضاً استقالته، لكن مسخرة المسؤولية تشكيل “خلية ازمة”، ليقول وزير الخارجية عبدالله بوحبيب انها فشلت لأن الأزمة اكبر من الوزارات ومن لبنان، والغريب العجيب أنه يرى ان “الجانب اللبناني لا يفهم قسوة السعودية” وان “حزب الله لا يهيمن على لبنان”، وأنه يخشى ان يطلع وزير الاعلام كبش محرقة!
يقول الوزير بوحبيب كبش محرقة؟ وكأنه لم يقرأ أو يعرف أبعاد تغريدة السفير السعودي وليد البخاري الذي قال فيها: “المخطىء لا يرتكب الخطيئة إلا بإرادة مستترة”، وهي كلمة قالها فسمعها العالم، ذلك هو أديب الكلمة جبران خليل جبران.
ولكن ليس من يسمع في بيروت، عندما لا يتفهمون “قسوة” السعودية، ولا يعون انهم ولبنان كبش المحرقة!
المصدر: راجح خوري – صحيفة النهار